في عصر تتسارع فيه الابتكارات التقنية بشكل يفوق التوقعات، نجد أنفسنا أمام تحدي جديد لا يتمثل في القدرة على التطوير بل في الكيفية التي نتعامل بها مع هذه الابتكارات، خاصة الذكاء الاصطناعي تعتبر واحدة من أبرز الظواهر التي برزت بشكل كبير في الوقت الحالي هي "أنسنة الذكاء الاصطناعي"،  أي تقديمه بصفات وسلوكيات تشبه البشر، مما يولد انطباع  خادع بأننا نتعامل مع كائن واعٍ يشعر ويفهم مثلنا.

أنسنة الذكاء الاصطناعي 

 

الانطباع الذي نشعر به نحو الذكاء الاصطناعي رغم جاذبيته يحمل في طياته مخاطر جسيمة، فالحقيقة أن الذكاء الاصطناعي مهما بدت ردوده طبيعية ومقنعة لا يملك وعي ولا يفهم المعنى الحقيقي للكلمات ولا يشعر بالعواطف أو يملك نوايا إنه ببساطة آلة إحصائية متقدمة تقوم بتحليل أنماط البيانات والتنبؤ بالكلمة التالية بناءً على تدريب ضخم.

 

خطورة حقيقية تكمن في أنسنة الذكاء الاصطناعي 

ما يجعل الذكاء الاصطناعي أكثر خطورة ليس قدرته على التفكير بل قدرته على الإقناع حين يبدأ الناس في إسقاط مشاعرهم وتصوراتهم الإنسانية عليه يفقدون قدرتهم على التمييز بين الأداة والمخلوق الواعي وتزداد الخطورة حين تستخدم الشركات هذا الوهم لتقديم خدمات تبدو حنونة  بينما في الحقيقة هي خوارزميات صماء تعمل على تحقيق أهداف اقتصادية أو سياسية.

الفجوة الفلسفية في الذكاء الاصطناعي 

يشير الفلاسفة وعلماء الأعصاب إلى أن الوعي البشري لا ينفصل عن الجسد فالإحساس والتجربة والعواطف كلها نابعة من تفاعل معقد بين الجسد والعقل.

 بينما تفتقر الآلات تمامًا لهذا الجانب، فهي لا تشعر بالجوع، ولا تفرح أو تخاف ولا تمر بتجربة الحياة كما نفعل نحن لذا فإن فكرة الوصول إلى "ذكاء اصطناعي عام" يحاكي الإنسان بالكامل لا تزال حلم بعيد المنال وربما مستحيل.

إزالة القناع عن الذكاء الاصطناعي 

في ظل هذه المعطيات يصبح من الضروري العمل على تجريد الذكاء الاصطناعي من صفاته الإنسانية الزائفة يجب أن تكون واجهات التفاعل معه واقعية بعيدة عن الإيحاء بالمشاعر أو الوعي  ويجب أن تتحمل الشركات مسؤوليتها في توعية المستخدمين لا في خداعهم وكذلك يقع على المستخدمين أنفسهم مسؤولية التعامل الواعي.