أكد وزير الخارجية على الأهمية القصوى لقضية مياه النيل بالنسبة لمصر، واصفاً إياها بأنها قضية وجودية. تأتي هذه التصريحات في ظل التحديات المستمرة المتعلقة بإدارة وتقاسم موارد المياه في حوض النيل، والتي تتطلب حلولاً دبلوماسية عاجلة ومنصفة. لطالما كانت مياه النيل شريان الحياة لمصر، حيث تعتمد عليها البلاد بشكل كبير في الزراعة والصناعة والشرب. وبالتالي، فإن أي تهديد لهذا المصدر الحيوي يمثل تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري واستقراره.

إن مصر تتعامل مع هذه القضية بأقصى درجات الجدية والمسؤولية، وتسعى جاهدة للتوصل إلى اتفاق ملزم قانوناً يحفظ حقوقها المائية ويضمن الاستخدام العادل والمستدام لمياه النيل. تعتبر المفاوضات الجارية مع دول حوض النيل الأخرى أمراً بالغ الأهمية لتحقيق هذا الهدف، ويتطلب ذلك تعاوناً بناءً وتفهماً متبادلاً من جميع الأطراف المعنية. إن التوصل إلى حلول توافقية يصب في مصلحة جميع دول المنطقة، ويساهم في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين. إن عدم التوصل إلى اتفاق قد يؤدي إلى تفاقم التوترات وزيادة المخاطر الأمنية، وهو ما تسعى مصر جاهدة لتجنبه.

تؤكد مصر على ضرورة احترام القانون الدولي والمبادئ التوجيهية المتعلقة بإدارة الموارد المائية العابرة للحدود. وتدعو إلى تطبيق مبادئ الإنصاف والمعقولية وعدم التسبب في ضرر جسيم لدول المصب. إن هذه المبادئ تعتبر أساساً متيناً لبناء علاقات تعاونية ومستدامة بين دول حوض النيل، وتمكنها من تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة. كما تؤكد مصر على أهمية الشفافية وتبادل المعلومات بين دول الحوض، وذلك لضمان فهم أفضل للتحديات والفرص المتاحة، وتمكينها من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن إدارة الموارد المائية.

إن قضية مياه النيل ليست مجرد مسألة فنية أو قانونية، بل هي قضية سياسية واقتصادية واجتماعية ذات أبعاد متعددة. تتطلب هذه القضية رؤية شاملة واستراتيجية متكاملة تأخذ في الاعتبار جميع جوانبها. يجب على دول حوض النيل أن تعمل معاً لإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة تلبي احتياجاتها المائية المتزايدة وتحافظ على البيئة وحقوق الأجيال القادمة. إن الاستثمار في البنية التحتية المائية، مثل السدود والخزانات وقنوات الري، يمكن أن يساهم في تحسين إدارة الموارد المائية وزيادة كفاءة استخدامها. كما أن تعزيز التعاون الإقليمي في مجال البحث والتطوير يمكن أن يساعد في إيجاد حلول تقنية جديدة للتحديات المائية.

في الختام، تظل مياه النيل قضية محورية بالنسبة لمصر، وتوليها الحكومة المصرية أولوية قصوى. وتسعى مصر إلى تحقيق حل عادل ومستدام يحفظ حقوقها المائية ويضمن الاستخدام الرشيد لمياه النيل. وتدعو إلى حوار بناء وتعاون مثمر مع دول حوض النيل الأخرى لتحقيق هذا الهدف. إن الأمن المائي لمصر هو جزء لا يتجزأ من أمنها القومي، ولن تتهاون في الدفاع عن حقوقها ومصالحها. وتأمل مصر في أن تسود روح التفاهم والتعاون بين جميع الأطراف المعنية، وأن يتم التوصل إلى اتفاق يخدم مصالح الجميع ويساهم في تحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة.