شهدت ثروة إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، انخفاضًا ملحوظًا قدره 15.3 مليار دولار، وذلك عقب إعلانه عن تأسيس حزب سياسي جديد تحت اسم "حزب أمريكا". وقد أثار هذا الإعلان ردود فعل واسعة النطاق في الأوساط المالية والاقتصادية، حيث أبدت المجلة الاقتصادية نيوزويك قلقها بشأن التداعيات المحتملة لهذه الخطوة على شركة تسلا وعملياتها التجارية. يأتي هذا التطور في ظل التحديات المتزايدة التي تواجهها الشركات التكنولوجية الكبرى، والتغيرات المستمرة في المشهد السياسي والاقتصادي العالمي. وتعتبر هذه الخسارة المالية الكبيرة بمثابة مؤشر على مدى حساسية الأسواق المالية تجاه القرارات السياسية التي يتخذها قادة الأعمال البارزين، وتأثيرها المحتمل على استثماراتهم ومستقبل شركاتهم. إن تأسيس حزب سياسي من قبل شخصية بارزة مثل إيلون ماسك يثير تساؤلات حول دوافعه الحقيقية وأهدافه السياسية، وما إذا كان يهدف إلى تحقيق تأثير أوسع في صناعة القرار السياسي في الولايات المتحدة والعالم. كما يثير هذا الحدث نقاشًا حول دور رجال الأعمال في السياسة، وحدود تدخلهم في الشؤون العامة، ومدى تأثير ذلك على مصالح شركاتهم ومساهميهم.

كان ماسك قد أعلن يوم السبت عن تأسيس "حزب أمريكا"، وفي يوم الاثنين التالي، انخفضت أسهم شركة تسلا بنسبة 6.8%.

 

وأغلق سهم الشركة عند 293.94 دولارًا، مما أدى إلى خسارة الشركة أكثر من 79 مليار دولار من قيمتها السوقية الإجمالية. هذا الانخفاض الحاد في قيمة أسهم تسلا يعكس المخاوف التي تنتاب المستثمرين بشأن مستقبل الشركة في ظل انخراط ماسك المتزايد في العمل السياسي. ويعتبر العديد من المحللين أن تركيز ماسك على تأسيس حزب سياسي قد يصرف انتباهه عن إدارة الشركة بفاعلية، ويؤثر سلبًا على أدائها المالي وقدرتها على المنافسة في سوق السيارات الكهربائية. كما أن تأسيس حزب سياسي جديد يتطلب قدرًا كبيرًا من الوقت والجهد والموارد المالية، وهو ما قد يؤثر على قدرة ماسك على التركيز على تطوير تقنيات جديدة وتحسين منتجات تسلا. بالإضافة إلى ذلك، فإن انخراط ماسك في السياسة قد يعرض الشركة لانتقادات سياسية واجتماعية، ويؤثر على سمعتها وعلاقاتها مع الحكومات والجهات التنظيمية. وبالتالي، فإن المستثمرين يراقبون عن كثب تطورات الوضع، ويقيمون المخاطر المحتملة التي قد تواجهها تسلا في المستقبل.

 

وتوضح نيوزويك أن جزءًا كبيرًا من ثروة ماسك مرتبط بحصته في تسلا، والتي تقدر الآن بحوالي 121 مليار دولار. ويبلغ صافي ثروته الإجمالية الآن حوالي 346 مليار دولار، بانخفاض عن 361 مليار دولار في اليوم السابق، وفقًا لمؤشر بلومبرج للمليارديرات. هذا الانخفاض الكبير في ثروة ماسك يجعله أكثر عرضة للضغوط المالية والاقتصادية، ويقلل من قدرته على الاستثمار في مشاريع جديدة أو دعم مبادرات سياسية. كما أن انخفاض قيمة أسهم تسلا قد يؤثر على قدرة الشركة على الحصول على التمويل اللازم لتوسيع عملياتها وتطوير منتجات جديدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن انخفاض ثروة ماسك قد يؤثر على صورته العامة ومكانته في الأوساط الاقتصادية والاجتماعية، ويقلل من نفوذه وتأثيره في صناعة القرار السياسي. وبالتالي، فإن ماسك يواجه تحديات كبيرة في الحفاظ على ثروته ومكانته في ظل التغيرات المستمرة في المشهد السياسي والاقتصادي العالمي.

 

من ناحية أخرى، حذر المحلل البارز لدى شركة الخدمات المالية الأمريكية "ويدبوش سكيورتيز" دان آيفز، من أن شركة تسلا تمرّ بلحظة حاسمة في مسار نموها، داعيًا مجلس إدارتها إلى اتخاذ خطوات حاسمة لضبط انخراط إيلون ماسك المتزايد في العمل السياسي. وأكد آيفز أن قرار ماسك بإطلاق حزب سياسي جديد تحت اسم "حزب أمريكا" قد يشكل مصدر تشتيت بالغ الخطورة، بالتزامن مع دخول تسلا في مرحلة نمو حرجة تقودها تقنيات القيادة الذاتية والروبوتات. يرى آيفز أن تركيز ماسك على السياسة قد يصرف انتباهه عن تطوير هذه التقنيات الهامة، ويؤخر من طرحها في الأسواق. كما أنه يخشى من أن يؤثر انخراط ماسك في السياسة على علاقات تسلا مع الحكومات والجهات التنظيمية، ويعرض الشركة لمخاطر قانونية وتنظيمية. وبالتالي، يدعو آيفز مجلس إدارة تسلا إلى التدخل لوضع قيود على أنشطة ماسك السياسية، وضمان تركيزه على إدارة الشركة بفاعلية.

 

وأكد آيفز أن "تسلا على أعتاب مستقبل ثورى فى مجالى القيادة الذاتية والروبوتات، ولا يمكنها تحمل انشغال ماسك بتأسيس حزب سياسى يتطلب قدرًا هائلًا من الوقت والطاقة ورأس المال السياسي"، موضحا أن الحزب الجديد يخطط للمشاركة فى انتخابات التجديد النصفى الأمريكية عام 2026، وهو ما قد يضع ماسك فى مواجهة مباشرة مع إدارة ترامب. واعتبر آيفز أن هذا المسار السياسى "يتعارض تمامًا مع ما يريده مساهمو تسلا"، خاصة فى وقت تقترب فيه الشركة من مرحلة حاسمة فى وضع إطار تنظيمى لتقنيات القيادة الذاتية. هذا التحذير من قبل محلل بارز في وول ستريت يعكس القلق المتزايد بين المستثمرين والمحللين بشأن مستقبل تسلا في ظل انخراط ماسك المتزايد في السياسة. ويعتقد العديد من المراقبين أن ماسك قد يواجه صعوبات في التوفيق بين مسؤولياته كمدير تنفيذي لشركة تسلا ومهامه كزعيم لحزب سياسي جديد. وبالتالي، فإن مستقبل تسلا يعتمد بشكل كبير على قدرة ماسك على إدارة وقته وطاقته بفاعلية، واتخاذ قرارات حكيمة تخدم مصالح الشركة ومساهميها.