شهدت حجوزات تذاكر السفر من قبل الأمريكيين خلال شهري يونيو ويوليو ارتفاعاً قياسياً بنسبة 45% مقارنة بالعام الماضي 2024. يعكس هذا النمو الكبير تحولاً ملحوظاً في وجهات السفر المفضلة، مدفوعاً بعدة عوامل جيوسياسية واقتصادية. تأتي هذه الزيادة اللافتة في الوقت الذي كانت فيه التوقعات تشير إلى تباطؤ محتمل في قطاع السياحة الأوروبي، خاصةً بعد انتهاء فعاليات كبرى استقطبت أعداداً هائلة من الزوار في العام السابق.
أشار المحلل السياحي ريتشارد كلارك في "مؤسسة برنشتاين" الاستشارية إلى أن العام الماضي شهد انتعاشاً قوياً في السفر إلى أوروبا، مدعوماً بشكل كبير بالدورة الأوليمبية التي استضافتها باريس وجولة المغنية الأمريكية تايلور سويفت الفنية. وأضاف كلارك: "في العام الماضي، شهد السفر إلى أوروبا انتعاشاً مدعوماً بالدورة الأوليمبية، التي استضافتها العاصمة الفرنسية باريس، وجولة المغنية الأمريكية تايلور سويفت الفنية، غير أن خلو هذا العام من فعاليات كبيرة مماثلة، أدى إلى ازدياد المخاوف بأن أعداد الزائرين إلى القارة ستكون أقل بصورة كبيرة". وأوضح أن غياب هذه الأحداث الضخمة أثار مخاوف من انخفاض أعداد الزوار إلى القارة الأوروبية هذا العام. ومع ذلك، يبدو أن هذه المخاوف قد تلاشت مع ظهور بوادر صيف سياحي قياسي.
يبدو أن الأحداث الجيوسياسية الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط لعبت دوراً محورياً في هذا التحول. عقب هجمات إسرائيل ضد إيران وهجمات أمريكا ضد إيران ورد طهران هذا الشهر، قام العديد من المسافرين بتحويل وجهة رحلاتهم المخططة إلى مناطق محيطة في الشرق الأوسط إلى قضاء إجازاتهم في أوروبا، وفق بيانات من مزودي خدمات الإجازات وحجوزات سلاسل الفنادق. أدت هذه التطورات إلى إعادة تقييم المخاطر الأمنية المحتملة في المنطقة، مما دفع المسافرين إلى البحث عن وجهات بديلة أكثر استقراراً وأماناً. وقد استقبلت أوروبا هذه التدفقات السياحية الجديدة، مما ساهم في تعويض النقص المحتمل الناتج عن غياب الفعاليات الكبرى التي جذبت الزوار في العام الماضي.
تُظهر البيانات أيضاً تأثيراً مباشراً للأحداث الجيوسياسية على سلوك المسافرين. فقد زادت عمليات إلغاء حجوزات الفنادق قصيرة الأجل في الشرق الأوسط في أسبوع واحد خلال هذا الشهر بنسبة 40%. في المقابل، ارتفعت نسب الموافقات على الحجوزات المسبقة في أوروبا بنحو 7% خلال الأسبوع المنتهي في 21 يونيو الجاري. تشير هذه الأرقام بوضوح إلى أن المسافرين قاموا بتعديل خططهم بسرعة استجابةً للتطورات الأمنية، مما يعكس حساسية قطاع السياحة للأحداث الجارية وتأثيرها المباشر على قرارات السفر.
في الختام، يعكس الارتفاع القياسي في حجوزات سفر الأمريكيين إلى أوروبا هذا الصيف مزيجاً من العوامل، بما في ذلك غياب الفعاليات الكبرى التي جذبت الزوار في العام الماضي، والتطورات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، والرغبة العامة في قضاء إجازات آمنة وممتعة. ويبدو أن أوروبا تستعد لاستقبال صيف سياحي حافل، مدعوماً بتدفقات سياحية جديدة وتحول في تفضيلات المسافرين. يبقى أن نرى كيف ستتطور الأوضاع في الأشهر القادمة وما إذا كان هذا النمو سيستمر على المدى الطويل.