تتكرر حوادث النصب والاحتيال عبر منصات تداول وهمية في العملات الرقمية بشكل مقلق في مصر وكان آخرها الضجة التي أحدثتها منصة "FBC" قبل أن تتدخل الأجهزة الأمنية لكن الظاهرة أعمق وأكثر انتشارا حيث تواصل منصات أخرى استدراج الباحثين عن الثراء السريع فكيف تنجح هذه الشبكات في خداع الآلاف وما هي الطرق الآمنة للاستثمار بعيدا عن هذا السراب الخادع.

كيف تعمل شبكات النصب الرقمي

تعتمد هذه المنصات التي غالبا ما تكون جزءا من شبكات إجرامية دولية على استراتيجية مدروسة للإيقاع بالضحايا تبدأ العملية بإغراءات الأرباح اليومية الضخمة والسريعة يتم الترويج لهذه الفرص الوهمية عبر إعلانات ممولة على الإنترنت أو من خلال التسويق الشبكي حيث يقنع الضحايا الأوائل أصدقائهم ومعارفهم بالانضمام تبني المنصة ثقة زائفة في البداية عبر السماح بسحب أرباح صغيرة ناتجة عن استثمارات أولية بسيطة مما يشجع الضحية على ضخ مبالغ أكبر ثم تبدأ الشروط التعجيزية بالظهور مثل ضرورة جلب مستثمرين جدد أو تقديم معلومات بنكية حساسة بحجة تسهيل التحويلات وكل ذلك ضمن واجهة تطبيق أو موقع إلكتروني يبدو احترافيا لكنه يخفي كيانا وهميا مسجلا ربما في الخارج بنشاط مختلف تماما.

لماذا يقع الضحايا في الفخ

يكمن مفتاح نجاح هؤلاء المحتالين في استغلال عاملين رئيسيين الأول هو الرغبة الجامحة لدى البعض في تحقيق الثراء السريع بأقل مجهود والثاني هو الجهل النسبي بمخاطر الاستثمار في العملات المشفرة وغياب الوعي المالي الكافي يقع الكثيرون ضحية لبريق الأرباح الخيالية دون التحقق من شرعية المنصة أو فهم طبيعة الاستثمار كما يلعب الضغط الاجتماعي دورا عندما يأتي الإغراء من صديق أو قريب نجح في تحقيق مكاسب أولية (وهمية) مما يضعف الحذر لدى الضحية المحتملة.

تحذيرات رسمية وقنوات استثمار آمنة

تؤكد الجهات الرسمية في مصر وعلى رأسها البنك المركزي مرارا وتكرارا على أن تداول العملات المشفرة أو الاستثمار فيها أمر غير قانوني ويفتقر لأي غطاء تنظيمي أو حماية للمستثمرين هذه العملات شديدة التقلب وعالية المخاطر ولا تخضع لرقابة أي سلطة نقدية مما يجعلها أرضا خصبة لعمليات النصب وغسيل الأموال ولحسن الحظ توجد بدائل استثمارية آمنة ومشروعة يمكن للشباب وغيرهم التوجه إليها مثل شهادات الادخار والودائع البنكية المختلفة أو الاستثمار في سوق الأوراق المالية (البورصة) عبر القنوات المرخصة أو حتى تأسيس مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر كما يعكف البنك المركزي على دراسة إصدار "الجنيه الرقمي" كعملة رسمية تابعة للدولة في المستقبل.

جهود المكافحة والحاجة للتوعية

تبذل الأجهزة الأمنية جهودا كبيرة في ملاحقة هذه الشبكات وضبط القائمين عليها كما حدث مع منصة FBC ومنصات أخرى مثل GME و RGA و BTS مؤخرا حيث تم القبض على عشرات المتورطين لكن المواجهة الأمنية وحدها لا تكفي فالأهم هو رفع مستوى الوعي لدى المواطنين خاصة الشباب الأكثر استهدافا يجب تكثيف حملات التوعية بمخاطر هذه المنصات والتأكيد على أهمية عدم مشاركة البيانات الشخصية أو البنكية عبر تطبيقات أو مواقع غير موثوقة والتثقيف المالي الرقمي أصبح ضرورة ملحة لحماية مدخرات المواطنين من الوقوع في براثن المحتالين.