تشهد ولايات كردفان تصعيدًا ملحوظًا في العمليات العسكرية، حيث يسعى الجيش السوداني إلى استعادة السيطرة على مناطق واسعة في ولايتي غرب وجنوب كردفان. وقد أعلن الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني، العميد نبيل عبد الله، في بيان رسمي عن تحقيق تقدم كبير في هذا الصدد. ووفقًا للبيان، تمكن "متحرك الصياد" التابع للجيش من "دحر فلول مليشيا آل دقلو" في مناطق الرياش وكازقيل، وتطهير المنطقة بعد تكبيد "العدو خسائر كبيرة". هذا الإعلان يمثل تحولًا هامًا في مسار العمليات العسكرية في الإقليم، ويشير إلى عزم الجيش على استعادة كافة المناطق التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع خلال الأشهر الماضية. وتأتي هذه التطورات في ظل ظروف إنسانية صعبة يعيشها سكان كردفان، حيث يتأثر المدنيون بشكل مباشر بالقتال الدائر وتتفاقم أزمة النزوح واللجوء.
الدعم السريع يعزز قواته في المنطقة
في المقابل، أفادت تقارير ميدانية بأن قوات الدعم السريع دفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى المنطقة في محاولة لعرقلة تقدم الجيش السوداني واستعادة المناطق التي خسرتها. وتأتي هذه التعزيزات في إطار استراتيجية الدعم السريع للحفاظ على نفوذها في كردفان، التي تعتبر منطقة استراتيجية مهمة للسيطرة على طرق الإمداد والموارد. وكانت قوات الدعم السريع قد أعلنت في أواخر شهر مايو الماضي سيطرتها على منطقة كازقيل، التي تقع على بعد حوالي 45 كيلومترًا جنوب مدينة الأبيض، وذلك ضمن عملية عسكرية أوسع مكنتها من السيطرة على عدة مناطق في جنوب وغرب وشمال كردفان. وتعتبر مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، ذات أهمية استراتيجية كبيرة، وتسعى كل من القوات المسلحة وقوات الدعم السريع للسيطرة عليها.
تأثير العمليات العسكرية على المدنيين
تتسبب العمليات العسكرية المتصاعدة في كردفان في تفاقم الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها المدنيون. وتشير التقارير إلى نقص حاد في المواد الغذائية والأدوية والخدمات الأساسية، بالإضافة إلى تزايد أعداد النازحين واللاجئين. ويعاني المدنيون من انقطاع التيار الكهربائي والمياه، وتعطيل الخدمات الصحية والتعليمية. كما تتزايد المخاوف بشأن سلامة المدنيين في ظل استمرار القتال العنيف بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وتدعو المنظمات الإنسانية إلى وقف فوري لإطلاق النار وتوفير ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المتضررين. وتعتبر حماية المدنيين أولوية قصوى في ظل هذه الظروف الصعبة، ويتطلب ذلك تضافر جهود جميع الأطراف المعنية لضمان سلامتهم وسلامة ممتلكاتهم.
مستقبل الأوضاع في كردفان
يبقى مستقبل الأوضاع في كردفان غير واضح في ظل استمرار التصعيد العسكري بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وتشير التوقعات إلى أن القتال قد يستمر لفترة أطول، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق سياسي ينهي الصراع الدائر. وتعتبر كردفان منطقة ذات أهمية استراتيجية كبيرة، وتتداخل فيها العديد من المصالح الإقليمية والدولية. ويتطلب حل الأزمة في كردفان جهودًا دبلوماسية مكثفة من قبل الأطراف الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى حوار شامل يضم جميع الأطراف السودانية المعنية. ويجب أن يركز الحل السياسي على معالجة الأسباب الجذرية للصراع، وتحقيق المصالحة الوطنية، وضمان حقوق جميع المواطنين.
دعوات للتهدئة والحوار
تتزايد الدعوات الإقليمية والدولية إلى التهدئة ووقف إطلاق النار في كردفان، وإفساح المجال للحوار السياسي. وتدعو الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والعديد من الدول إلى ضرورة التوصل إلى حل سلمي للأزمة السودانية، يضمن وحدة البلاد واستقرارها. ويؤكد المجتمع الدولي على أهمية حماية المدنيين وتوفير المساعدات الإنسانية للمتضررين. كما يشدد على ضرورة محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبت خلال الصراع. ويتطلب تحقيق السلام والاستقرار في السودان جهودًا مشتركة من قبل جميع الأطراف المعنية، بالإضافة إلى دعم المجتمع الدولي.