كشفت مصادر مطلعة عن أجواء متوترة سادت اجتماعاً مغلقاً جمع وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، برئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، حيث اتهم سموتريتش نتنياهو بـ"الخيانة". يأتي هذا الاتهام في ظل تصاعد الخلافات بين أطراف الائتلاف الحكومي الحالي، وتحديداً بين حزب "الصهيونية الدينية" الذي يتزعمه سموتريتش، وحزب "الليكود" بزعامة نتنياهو. لم يتم الكشف عن تفاصيل محددة حول طبيعة "الخيانة" التي اتهم بها سموتريتش نتنياهو، إلا أن المراقبين يرجحون أنها تتعلق بملفات عالقة في المفاوضات السياسية، أو بتنازلات محتملة قد يكون نتنياهو مستعداً لتقديمها في سياق جهود التهدئة الإقليمية أو في سبيل الحفاظ على استقرار الائتلاف الحاكم. الاتهامات المتبادلة تعكس عمق الأزمة السياسية التي تعصف بإسرائيل، وتثير تساؤلات حول مستقبل الحكومة الحالية وقدرتها على الاستمرار في ظل هذه الخلافات المتفاقمة.
خلافات متراكمة تهدد استقرار الائتلاف الحكومي
من المعروف أن العلاقة بين سموتريتش ونتنياهو شهدت في الماضي محطات من المد والجزر، حيث سبق وأن عبر سموتريتش عن تحفظه على بعض سياسات نتنياهو، خاصة فيما يتعلق بالملف الفلسطيني وقضايا الأمن القومي. إلا أن هذه المرة، يبدو أن الخلاف وصل إلى ذروته، مع استخدام سموتريتش لعبارة "الخيانة"، وهي كلمة ذات دلالات قوية في السياق السياسي الإسرائيلي. هذا التصعيد الخطير يضع نتنياهو في موقف حرج، حيث يواجه ضغوطاً متزايدة من شركائه في الائتلاف، وفي الوقت نفسه، يسعى إلى الحفاظ على تماسك الحكومة وتجنب سيناريو الانتخابات المبكرة. يرى محللون أن سموتريتش يسعى من خلال هذه التصريحات القوية إلى تعزيز مكانته داخل اليمين المتطرف، وإرسال رسالة واضحة إلى نتنياهو مفادها أنه لن يتهاون في الدفاع عن مبادئه ومطالبه.
تداعيات محتملة على المشهد السياسي الإسرائيلي
لا يمكن الاستهانة بتداعيات هذه الاتهامات على المشهد السياسي الإسرائيلي. ففي حال استمر سموتريتش في تصعيد لهجته، قد يضطر نتنياهو إلى اتخاذ خطوات حاسمة، قد تصل إلى حد إقالته من الحكومة أو السعي إلى تشكيل ائتلاف جديد بدونه. هذا السيناريو يحمل في طياته مخاطر كبيرة، حيث قد يؤدي إلى تفكك الائتلاف الحالي والدخول في أزمة سياسية طويلة الأمد. من جهة أخرى، قد يسعى نتنياهو إلى احتواء الأزمة من خلال تقديم بعض التنازلات لسموتريتش، ولكن هذا قد يثير غضب الأطراف الأخرى في الائتلاف، ويؤدي إلى مزيد من التصدعات. يرى البعض أن هذه الأزمة تعكس صراعاً أعمق حول مستقبل إسرائيل وهويتها، بين القوى اليمينية المتطرفة التي تسعى إلى فرض رؤيتها على المجتمع، والقوى الأكثر اعتدالاً التي تدعو إلى الحوار والتسوية.
غموض يكتنف تفاصيل "الخيانة" المزعومة
يبقى السؤال الأهم هو ما هي طبيعة "الخيانة" التي اتهم بها سموتريتش نتنياهو؟ حتى الآن، لم يتم الكشف عن أي تفاصيل محددة حول هذا الأمر، مما يفتح الباب أمام التكهنات والتفسيرات المختلفة. يرجح البعض أن الأمر يتعلق بملف التسوية مع الفلسطينيين، حيث يرفض سموتريتش أي تنازلات من جانب إسرائيل، بينما قد يكون نتنياهو مستعداً لتقديم بعض التنازلات في سبيل تحقيق السلام والاستقرار. في المقابل، يرى آخرون أن الأمر يتعلق بملفات اقتصادية أو اجتماعية، حيث قد يكون نتنياهو قد اتخذ قرارات تتعارض مع مصالح حزب "الصهيونية الدينية". مهما كانت الحقيقة، فإن هذه الاتهامات تمثل ضربة قوية لنتنياهو وحكومته، وتزيد من حالة عدم اليقين التي تسود المشهد السياسي الإسرائيلي.
مستقبل الحكومة في مهب الريح
في ظل هذه الأجواء المشحونة، يبدو مستقبل الحكومة الإسرائيلية في مهب الريح. فبعد أشهر قليلة من تشكيلها، تواجه الحكومة الحالية تحديات كبيرة، تهدد استقرارها وبقائها. الخلافات الداخلية، والاتهامات المتبادلة، والضغوط الخارجية، كلها عوامل تزيد من صعوبة مهمة نتنياهو في الحفاظ على تماسك الائتلاف الحاكم. يبقى السؤال المطروح هو هل سيتمكن نتنياهو من تجاوز هذه الأزمة، أم أن هذه الاتهامات ستكون الشرارة التي تشعل فتيل أزمة سياسية جديدة تقود إلى انتخابات مبكرة؟ الأيام القادمة ستكشف عن الإجابة.