في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي تشهدها الأردن، والتي تؤثر بشكل خاص على أصحاب الدخول المحدودة، وفي مقدمتهم المتقاعدون، أعلنت البنوك المحلية في عام 2025 عن إجراءات مؤقتة تهدف إلى تخفيف الأعباء المالية عن هذه الشريحة الهامة من المجتمع. وتتمثل هذه الإجراءات في تأجيل سداد أقساط القروض الممنوحة للمتقاعدين، وذلك كجزء من حزمة تدابير استثنائية تهدف إلى دعم التقاعد وتحسين الاستقرار المالي لهذه الفئة. تأتي هذه المبادرة استجابة للضغوط الاقتصادية المتزايدة وارتفاع تكاليف المعيشة، والتي تؤثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمتقاعدين.
الدافع وراء التأجيل: تخفيف الضغوط المالية على المتقاعدين
تأتي مبادرات التأجيل استجابة مباشرة لانخفاض الدخل المتاح للمتقاعدين مقارنة بالتزاماتهم المالية الشهرية. حيث تشكل أقساط القروض المصرفية عبئًا كبيرًا على الكثيرين منهم. القرار جاء ضمن توجه حكومي واضح لمساندة المتقاعدين وتعزيز قدرتهم على التعايش مع ارتفاع الأسعار وزيادة تكلفة المعيشة، بما يضمن لهم قدرة أفضل على تحمل نفقات الحياة الأساسية. هذا الدعم يهدف إلى توفير شبكة أمان مالي للمتقاعدين، مما يتيح لهم التركيز على تلبية احتياجاتهم الأساسية دون القلق المستمر بشأن سداد الديون. إن تخفيف الأعباء المالية عن المتقاعدين يساهم أيضاً في تحسين مستوى معيشتهم وجودة حياتهم بشكل عام.
فئات المستفيدين ومحددات الأهلية لتأجيل الأقساط
يشمل تأجيل الأقساط فقط حسابات القروض الشخصية والقروض الاستهلاكية المتفرقة، ولا يشمل القروض العقارية أو التجارية. هذا التحديد يهدف إلى تركيز الدعم على القروض التي تُستخدم عادة لتلبية الاحتياجات اليومية والاستهلاكية للمتقاعدين. كما يشترط أن يكون المتقاعد مسجلاً ولديه راتب تقاعد شهري يعتمد عليه ضمن الأنظمة الرسمية، وأن يكون قد التزم بسداد الأقساط لمدة لا تقل عن ستة أشهر قبل تقديم طلب التأجيل. هذا الشرط يضمن أن يكون التأجيل مخصصًا للمتقاعدين الذين لديهم تاريخ ائتماني جيد نسبيًا وقادرين على الالتزام بالسداد في المستقبل. علاوة على ذلك، تم تحديد فترة سداد لا تتجاوز ستة أشهر، قابلة للتجديد بعد مراجعة مالية جديدة. هذا التحديد يهدف إلى ضمان أن يكون التأجيل إجراءً مؤقتًا يساهم في تخفيف الضغوط المالية الآنية، مع إمكانية إعادة تقييم الوضع المالي للمتقاعد في المستقبل وتمديد التأجيل إذا لزم الأمر.
آلية تقديم الطلب ومراحله للحصول على التأجيل
يتعين على المتقاعد التوجه إلى البنك الذي يُعامل معه وتقديم طلب رسمي يحتوي على بيانات القرض الحالية، ونسخة من بطاقة التقاعد، وإثبات الدخل الشهري. هذه الوثائق ضرورية لتمكين البنك من تقييم الوضع المالي للمتقاعد وتحديد مدى استحقاقه للتأجيل. بعد ذلك يبدأ البنك في دراسة الملف خلال أسبوع عمل، ويُبلَغ المتقاعد بقرار القبول أو الرفض. هذه الفترة الزمنية القصيرة تهدف إلى تسريع عملية اتخاذ القرار وتوفير إجابة سريعة للمتقاعدين. في حال القبول، يصدر البنك قراراً يضمن في نظام القروض لتعديل تواريخ الاستحقاق دون رسوم إضافية أو تغيير في سعر الفائدة المتفق عليه سلفًا. هذا الشرط مهم جدًا لضمان عدم تحمل المتقاعدين أي تكاليف إضافية نتيجة للتأجيل، وأن يظل سعر الفائدة كما هو متفق عليه في الأصل.
تعكس هذه المبادرة وعيًا اجتماعيًا بأهمية دعم المتقاعدين وتعزيز ديمومة الرواتب المحدودة. في المقابل، قد تحمل بعض البنوك تبعات مؤقتة على مستوى التدفق النقدي، إلا أن الدعم الحكومي والتعاون مع البنك المركزي الأردني أسهما في تخفيف هذه التأثيرات واستيعابها ضمن الإطار المالي العام. هذا التعاون بين القطاعين العام والخاص يضمن استدامة المبادرة وتحقيق أهدافها في دعم المتقاعدين وتحسين استقرارهم المالي.