تتجه الأنظار نحو الأمم المتحدة حيث من المقرر عقد مؤتمر دولي في الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من شهر يوليو القادم، مخصصًا لبحث سبل إحياء عملية السلام المتعثرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والوصول إلى حل الدولتين الذي طال انتظاره. يأتي هذا المؤتمر في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتزايد المخاوف الدولية بشأن استمرار الجمود في هذا الملف الحساس. وتأمل الأوساط الدبلوماسية أن يشكل هذا الحدث فرصة حقيقية لإطلاق حوار جاد ومثمر، يهدف إلى تحقيق تقدم ملموس نحو السلام والاستقرار في المنطقة. حل الدولتين يمثل جوهر الجهود الدولية الرامية إلى إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ويقوم على إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود عام 1967، تعيش جنبًا إلى جنب مع دولة إسرائيل في سلام وأمن.
من المتوقع أن يشارك في المؤتمر ممثلون عن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بالإضافة إلى مسؤولين من المنظمات الدولية والإقليمية المعنية، وشخصيات بارزة من المجتمع المدني والأكاديمي. وسوف تتركز المناقشات على عدد من القضايا الرئيسية، بما في ذلك الحدود، والقدس، واللاجئين، والأمن، والمياه، والتنمية الاقتصادية. كما سيتم استعراض المبادرات والجهود السابقة التي بذلت في هذا الصدد، وتقييم الدروس المستفادة منها، بهدف تحديد أفضل السبل للمضي قدمًا. الأمم المتحدة تلعب دورًا محوريًا في رعاية عملية السلام في الشرق الأوسط، وقد تبنت العديد من القرارات والبيانات التي تدعو إلى حل عادل وشامل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بما يضمن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة.
على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه عملية السلام، إلا أن هناك إجماعًا دوليًا متزايدًا على ضرورة إيجاد حل سياسي للصراع، يضمن الأمن والاستقرار للجميع في المنطقة. ويؤكد المراقبون على أهمية أن يتبنى الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي مواقف بناءة ومرنة، وأن يكونا على استعداد لتقديم تنازلات متبادلة، من أجل تحقيق السلام المنشود. كما يشددون على ضرورة توفير الدعم السياسي والاقتصادي اللازم للطرفين، لمساعدتهما على تجاوز العقبات والتحديات التي تعترض طريقهما. المجتمع الدولي مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بالتحرك بشكل حاسم وفاعل، من أجل إنهاء هذا الصراع الذي طال أمده، والذي يتسبب في معاناة إنسانية هائلة، ويهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
إن انعقاد هذا المؤتمر يمثل بارقة أمل في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة، ويعكس الاهتمام الدولي المتزايد بإيجاد حل عادل ودائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ومع ذلك، فإن نجاح المؤتمر يتوقف على مدى استعداد الأطراف المعنية للانخراط في حوار جاد ومثمر، وعلى قدرتها على التوصل إلى توافقات ملموسة، تفضي إلى إحراز تقدم حقيقي نحو السلام. التوصل إلى اتفاق سلام يتطلب إرادة سياسية قوية من جانب الطرفين، والتزامًا جادًا بتنفيذ بنود الاتفاق، بالإضافة إلى دعم دولي وإقليمي قوي ومستمر.
يبقى أن نرى ما إذا كان هذا المؤتمر سيشكل نقطة تحول حقيقية في مسار عملية السلام، أم أنه سيقتصر على كونه مجرد محاولة أخرى لتهدئة الأوضاع وتأجيل الحل. ومع ذلك، فإن الأمل لا يزال معقودًا على أن يتمكن المؤتمر من تحقيق نتائج إيجابية، تساهم في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، وتلبية تطلعات الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي في العيش في أمن وسلام وازدهار. المفاوضات المباشرة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي تظل هي السبيل الأمثل لتحقيق السلام المنشود، ويجب على المجتمع الدولي أن يشجع الطرفين على العودة إلى طاولة المفاوضات، والعمل بجدية وإخلاص من أجل التوصل إلى اتفاق شامل ودائم.