في تطور درامي يعكس احتدام الصراع بين عمالقة التكنولوجيا والجهات التنظيمية الأمريكية، مثل مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا" المالكة لفيسبوك، أمام المحكمة الفيدرالية في واشنطن للإدلاء بشهادته في واحدة من أبرز قضايا الاحتكار التكنولوجي في العقد الأخير.
لجنة التجارة الفيدرالية تلاحق ميتا بتهم احتكارية
بدأت جلسات المحاكمة يوم الإثنين الماضي، حيث تسعى لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية (FTC) إلى تفكيك شركة ميتا على خلفية استحواذها على تطبيقات "إنستجرام" و"واتساب"، متهمة الشركة بانتهاج ممارسات احتكارية للهيمنة على سوق وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد شهدت أولى الجلسات الكشف عن رسائل بريد إلكتروني داخلية تعود لعام 2018، أقر فيها زوكربيرج بأن نجاح إنستجرام بدأ يُضعف فيسبوك، مشيراً إلى احتمال فصل المنصة كخيار استراتيجي. وجاء في إحدى الرسائل التي وجهها إلى كبار التنفيذيين:
"بدأت أفكر فيما إذا كان فصل إنستجرام هو الحل الأمثل لتحقيق أهداف رئيسية، من ضمنها الحد من تأثيره على شبكة فيسبوك."
قصة استحواذ فيسبوك على إنستجرام وواتساب
تعود قصة استحواذ فيسبوك على إنستجرام إلى عام 2012 في صفقة قُدّرت بمليار دولار، أثارت حينها الكثير من الجدل والسخرية، حيث وصفها الإعلام الأمريكي بـ"الصفقة العبثية"، نظرًا لكون إنستجرام مجرد تطبيق صور بسيط في ذلك الوقت.
وفي عام 2014، فاجأ زوكربيرج العالم مجددًا بصفقة أخرى ضخمة، حين اشترى تطبيق "واتساب" مقابل 19 مليار دولار. رغم أن التطبيق كان يحظى بشعبية عالمية كبيرة، إلا أن وجوده في السوق الأمريكية كان محدودًا.
لكن مرور الوقت أثبت أن تلك الصفقات كانت من أنجح الاستثمارات في تاريخ وادي السيليكون، حيث أصبح كل من إنستجرام وواتساب حجر الأساس في هيكل أعمال "ميتا" الحالية.
رسائل سرية تدين ميتا: "تحييد المنافسين"
من بين الأدلة التي قدمتها لجنة التجارة الفيدرالية، رسالة بريد إلكتروني تعود لعام 2012 بين زوكربيرج والمدير المالي السابق ديفيد إيبرسمان، ناقشا خلالها استراتيجية الاستحواذ على إنستجرام، حيث ورد في الرسالة أن الهدف كان "تحييد المنافس" وهو ما أقر به زوكربيرج لاحقًا خلال الجلسة.
كما أبدى زوكربيرج في وثائق أخرى قلقه من صعود تطبيقات آسيوية مثل WeChat وLINE، التي وصفها بأنها تسعى لبناء شبكات اجتماعية قد تطيح بفيسبوك من عرشه الرقمي.
أهمية واتساب وإنستجرام في منظومة ميتا
اليوم، يشكل كل من واتساب وإنستجرام عمودين أساسيين في نموذج أعمال ميتا، حيث يساهمان بشكل كبير في التأثير على النقاشات العالمية في مجالات السياسة والرياضة والثقافة، ويخدمان مليارات المستخدمين حول العالم.
لكن رغم النجاح، ترتكز القضية على تساؤلات يصعب الإجابة عنها بشكل قطعي:
-
هل كان إنستجرام أو واتساب سيشكلان تهديدًا حقيقيًا لفيسبوك لو لم تتم عملية الاستحواذ؟
-
وهل كان يمكن لمنافسين جدد أن يظهروا لولا تدخل ميتا؟
عرض تسوية مرفوض وضغوط سياسية فاشلة
وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، حاول زوكربيرج التوصل إلى تسوية قبل بدء المحاكمة، عبر عرض 450 مليون دولار لإنهاء القضية، إلا أن العرض قوبل بالرفض من قبل رئيس لجنة FTC الجديد أندرو فيرجسون، الذي وصف العرض بأنه "غير جاد".