أعرب المجلس المصري للشئون الخارجية عن قلقه البالغ إزاء الترتيبات الجارية من قبل الحكومة الإسرائيلية في قطاع غزة، والتي تهدف إلى إنشاء ما يسمى بـ"المدينة الإنسانية" على أنقاض مدينة رفح جنوب القطاع، على مساحة تقدر بنحو 40% من مساحة القطاع. يأتي هذا القلق في ظل تصاعد المخاوف الإقليمية والدولية بشأن مستقبل القطاع، وتأثير هذه الترتيبات على حياة الفلسطينيين هناك، خاصة مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية.

 

وبحسب تقارير وإفادات موثوقة، فإن هذه الترتيبات تمهد لتنفيذ ما وصفه المجلس بـ"المخطط الصهيوني – الأمريكي" لتهجير الفلسطينيين في القطاع إلى دول الجوار المباشر والقريب أو عبر البحر. هذا المخطط، الذي يثير جدلاً واسعاً، يهدف، وفقاً للمجلس، إلى تغيير التركيبة السكانية للقطاع، وإفراغه من سكانه الأصليين، وهو ما يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان الأساسية. وقد استشهد المجلس بتصريحات لأحد القادة الإسرائيليين السابقين، إيهود أولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، الذي وصف ما يجري بأنه محاولة من الحكومة الإسرائيلية لتدشين معسكر اعتقال مغلق للفلسطينيين في قطاع غزة، وأن إجبار السكان على دخولها سيكون بمثابة تطهير عرقي كجزء من خطة الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل في القطاع منذ أكتوبر 2023. هذه التصريحات تزيد من حدة المخاوف بشأن النوايا الحقيقية وراء هذه الترتيبات.

 

حذر المجلس من مضي الحكومة الإسرائيلية قدماً في تنفيذ مخططها الإجرامي، بما في ذلك استهداف الجوعى من أبناء غزة باستخدام آلية القتل بالتجويع، مع التجاهل التام لردود فعل قطاعات واسعة من الرأي العام الدولي. وأشار المجلس إلى أن إسرائيل تستفيد في ذلك من التواطؤ الواضح من قبل عدد من الأطراف الدولية، خاصةً تلك التي تدعم إسرائيل عسكرياً ودبلوماسياً، مما يعطي قادة إسرائيل شعوراً بالحصانة وبأنهم خارج أي محاسبة دولية. هذا الدعم الدولي، الذي يراه المجلس غير مبرر، يساهم في تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، ويشجع إسرائيل على الاستمرار في انتهاكاتها.

 

أوضح المجلس أنه من المشين أن بعض هذه الدول، التي تدعي أنها تدافع عن حقوق الإنسان وحرياته في مناطق أخرى في العالم، تبذل أقصى ما في وسعها لتعطيل عمل المؤسسات الدولية القانونية والقضائية، وملاحقة القائمين عليها بالعقوبات والتضييق. هذه المؤسسات، مثل محكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية، والمقررة الأممية الخاصة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، تسعى إلى القيام بدورها في حماية وضمان احترام قواعد القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي. إن محاولة تعطيل عمل هذه المؤسسات يعكس ازدواجية المعايير التي تتبعها بعض الدول، ويقوض الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق العدالة وحماية حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.

قدر المجلس أنه بالنظر إلى الظروف الدقيقة والصعبة التي يواجهها نحو مليونين من أبناء غزة، أغلبهم من الأطفال والنساء، بجانب الهجمات الوحشية التي يتعرض لها الفلسطينيون في الضفة الغربية من قبل المستوطنين وجنود الاحتلال، على الدول العربية أن تتعامل مع هذه التطورات بما تستحقه من اهتمام وتدبر. وأشار المجلس إلى تقرير ألبانيز الأخير الذي ذكر: "بعد أن أنكرت إسرائيل حق الفلسطينيين في تقرير المصير لعقود من الزمن، فإنها الآن تعرض وجود الشعب الفلسطيني وفلسطين ذاتها للخطر". هذا التحذير يشدد على خطورة الوضع الراهن، ويطالب بتحرك عربي ودولي عاجل لحماية الشعب الفلسطيني وضمان حقوقه المشروعة.