كشفت التحقيقات التي أجرتها السلطات الأردنية حول أموال جماعة الإخوان المسلمين المحظورة عن شبكة مالية واسعة النطاق تديرها الجماعة بشكل غير قانوني.
تضمنت هذه الشبكة جمع التبرعات بطرق غير مشروعة، واستثمار الأموال في مشاريع داخل الأردن وخارجه، وتلقي اشتراكات شهرية من الأعضاء.
ووفقًا للتحقيقات، جمعت الجماعة ما يزيد عن 30 مليون دينار أردني في السنوات الأخيرة، واستخدمت هذه الأموال في أغراض غير قانونية، بما في ذلك تمويل حملات سياسية، ودعم أنشطة وخلايا تم ضبطها من قبل السلطات، وشراء شقق خارج الأردن.
وتشير الأدلة إلى أن الجماعة عملت على إخفاء مصادر الأموال وحجمها، ولم تفصح عن كيفية إيصالها إلى المحتاجين، مما يثير تساؤلات حول الشفافية والنزاهة في إدارة هذه الأموال.
استغلال أحداث غزة لجمع التبرعات بطرق غير قانونية
أظهرت التحقيقات أن جماعة الإخوان استغلت الأحداث المأساوية في غزة لجمع التبرعات بطرق مخالفة للقانون.
لم يتم الإعلان عن آلية واضحة وشفافة لعملية جمع الأموال، ولم يتم الكشف عن مصادر هذه الأموال أو حجمها أو كيفية إيصالها إلى الأهالي في غزة.
كما لم يتم الإعلان عن أي تنسيق مع أي منظمة دولية أو إغاثية لنقل هذه الأموال.
اعتمدت الجماعة على وسيلتين في جمع التبرعات: الأولى سرية، من خلال جمع التبرعات عن طريق بعض الجمعيات وشُعب الإخوان المحظورة، والثانية علنية، من خلال إرسال مواد عينية إلى الهيئة الأردنية الخيرية الهاشمية عبر أذرعها وبعض الجمعيات التي تدار من قبل أشخاص منتمين لها.
إلا أن الأموال التي أرسلت إلى الهيئة لا تمثل سوى نسبة ضئيلة من مجموع التبرعات التي كشفت عنها التحقيقات.
آلية سرية لإرسال الأموال إلى الخارج وتبييضها
أحاطت جماعة الإخوان عملية جمع الأموال وإرسالها إلى الخارج بسرية بالغة، وفق آلية وُزعت فيها الأدوار على مسؤولين داخل الجماعة وفرد يقيم بعمان مرتبط بتنظيم خارجي.
وقد نشأت نتيجة هذا النشاط دورة مالية غير قانونية ذات مكتومية عالية اعتمدت على أساليب مالية مشبوهة.
لم يُعلن عن مجموع التبرعات التي كانت تنقل وتسلم باليد وتخبئ في البيوت والمستودعات.
وكشفت التحقيقات أن الأموال كانت تحوّل من الدينار إلى الدولار قبل إيداعها بمحل صيرفة بالعاصمة عمان، والذي اتخذت بحقه الإجراءات القانونية، إذ كان يحول الأموال بطرق غير قانونية إلى محل صيرفة بالخارج.
وفي بعض الأحيان كانت الأموال تنقل عن طريق رزمها من محل الصيرفة بعمان وشحنها جواً إلى الخارج، وأحياناً كان يتم تهريب الأموال إلى الخارج عن طريق أحد أفراد الجماعة المحظورة الذي كان يتردد إلى إحدى الدول.
استخدام الأموال في أغراض سياسية وتمويل أنشطة غير مشروعة
تبين أن الأموال التي يتم جمعها وصرفها بشكل غير قانوني تستخدم لغايات سياسية وخيرية ذات مآرب سياسية.
فقد كانت تُصرف على أحد الأحزاب وعلى الأدوات والأذرع والحملات الإعلامية وعلى الفعاليات والاحتجاجات، والتدخل في الانتخابات النقابية والطلابية، وصرف مرتبات شهرية لبعض السياسيين التابعين للجماعة وعلى حملاتهم الدعائية.
كما كشفت التحقيقات عن أن الجماعة كانت تستخدم أحد أكثر الأحياء فى عمان اكتظاظاً بالسكان لجمع التبرعات لإحاطة عملها بحماية مجتمعية ولتشكيل غطاء للتستر على نشاطها.
وقد كان لافتاً حجم المبالغ التي كانت تخرج من ذلك الحي ليتبين أنه لم يكن المصدر الرئيس لجمع الأموال بل كان مقصداُ للراغبين بالتبرع بشكل خفي.
مصادر التمويل الثابتة للجماعة وكيفية استغلالها
أظهرت التحقيقات أن مصادر التمويل الثابتة لدى الجماعة كانت ترد من الاشتراكات الشهرية للأعضاء (في الداخل والخارج) ومن الاستثمار بالشقق بدولة إقليمية وفق الاعترافات.
ويصل مجموع الأموال المتأتية من هذه المصادر سنوياً نحو 1.9 مليون دينار، وفق التقديرات الأولية الناجمة عن التحقيقات.
وتشير هذه النتائج إلى وجود تنظيم مالي متكامل يدعم أنشطة الجماعة، ويساعدها على تحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية.
وتؤكد هذه التحقيقات على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة تمويل الإرهاب والتصدي للجماعات التي تستغل الدين لأغراض سياسية واقتصادية.