الانسحاب الكارثى للغرب من أفغانستان يعود للصدارة.. انتقادات لبريطانيا بعد تعريض آلاف الأفغان للخطر
فشل فى حماية الأفغان: اختراق أمنى يهدد حياة المتعاونين
يعود ملف الانسحاب الغربي الكارثي من أفغانستان إلى واجهة الأحداث مجدداً، مع تصاعد الانتقادات الموجهة إلى المملكة المتحدة على خلفية تقارير تفيد بتعريض آلاف الأفغان للخطر نتيجة لاختراق أمني. وتتركز الانتقادات حول طريقة تعامل الحكومة البريطانية مع بيانات الأفغان الذين تعاونوا مع القوات البريطانية خلال فترة تواجدها في البلاد. وتفيد التقارير بأن هذا الاختراق قد كشف عن معلومات حساسة، مما يجعل هؤلاء الأفغان وعائلاتهم عرضة لخطر انتقام حركة طالبان. إن طبيعة هذا الاختراق الأمني بالتحديد لم يتم الكشف عنها بالكامل، إلا أن التسريبات تشير إلى وجود خلل في طريقة تخزين البيانات أو نقلها، مما سمح بوصول أطراف غير مصرح لها إلى هذه المعلومات. ويؤكد خبراء أمنيون أن هذا النوع من الإخفاقات الأمنية يمكن أن يكون له عواقب وخيمة، خاصة في سياق دولة تشهد صراعاً داخلياً وتسيطر عليها جماعة متطرفة. إن حماية الأفراد الذين تعاونوا مع القوات الأجنبية يجب أن تكون أولوية قصوى، وعليه فإن هذا الحادث يثير تساؤلات جدية حول مدى التزام الدول الغربية بواجبها تجاه هؤلاء الأفراد.
تداعيات إنسانية وخطر على حياة الأفغان
إن التداعيات الإنسانية لهذا الاختراق الأمني قد تكون كارثية. فآلاف الأفغان الذين عملوا كمترجمين أو قدموا الدعم اللوجستي أو ساهموا في مشاريع التنمية التي قادتها القوات البريطانية، أصبحوا الآن يعيشون في خوف دائم من اكتشاف هويتهم والانتقام منهم. وتؤكد منظمات حقوق الإنسان أن حياة هؤلاء الأشخاص وأسرهم أصبحت مهددة بشكل مباشر، وأن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية لحمايتهم. إن توفير ملاذ آمن لهؤلاء الأفغان وإعادة توطينهم في دول أخرى قد يكون الحل الوحيد لضمان سلامتهم. إلا أن هذه العملية تتطلب تنسيقاً دولياً وجهوداً دبلوماسية مكثفة، فضلاً عن تخصيص موارد مالية كافية. كما أن هناك حاجة إلى إجراء تحقيق شامل في ملابسات هذا الاختراق الأمني، وتحديد المسؤولين عنه ومحاسبتهم. إن السماح بمرور هذا الحادث دون محاسبة سيشكل سابقة خطيرة، وسيقوض الثقة في قدرة الدول الغربية على حماية الأفراد الذين يتعاونون معها.
جارديان: لندن فشلت في حماية حقوق المرأة وبناء الديمقراطية
وفي سياق متصل، نشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريراً مطولاً ينتقد بشدة أداء الحكومة البريطانية في أفغانستان، ويتهمها بالفشل في حماية حقوق المرأة وبناء الديمقراطية. ويشير التقرير إلى أن التدخل الغربي في أفغانستان، والذي استمر لعقدين من الزمن، لم يحقق الأهداف المرجوة، وأن الوضع في البلاد قد تدهور بشكل كبير بعد الانسحاب. وتؤكد الجارديان أن حقوق المرأة الأفغانية، التي تحققت بصعوبة خلال فترة تواجد القوات الغربية، أصبحت الآن مهددة بشكل خطير في ظل حكم طالبان. إن القيود المفروضة على تعليم الفتيات وعملهن وحريتهن الشخصية، تمثل انتكاسة كبيرة لجهود التنمية التي بذلت على مدى سنوات. كما أن التقرير ينتقد فشل الحكومة البريطانية في بناء مؤسسات ديمقراطية قوية في أفغانستان، ويشير إلى أن الفساد وسوء الإدارة قد قوّضا جهود الإصلاح.
التسريبات خذلان جديد للأفغان
تعتبر التسريبات الأخيرة المتعلقة بالاختراق الأمني خذلاناً جديداً للأفغان الذين وثقوا بالقوات الغربية وتعاونوا معها. إن هذه التسريبات لا تعرض حياة هؤلاء الأشخاص للخطر فحسب، بل تقوض أيضاً الثقة في قدرة الدول الغربية على الوفاء بوعودها. ويؤكد خبراء أن هذا الحادث سيترك أثراً سلبياً على علاقات الغرب مع الدول الأخرى، وقد يجعل الأفراد أكثر تردداً في التعاون مع القوات الأجنبية في المستقبل. إن استعادة الثقة المفقودة تتطلب اتخاذ إجراءات فورية وشفافة، بما في ذلك إجراء تحقيق شامل في ملابسات الاختراق الأمني، وتوفير الحماية اللازمة للأفغان المهددين، وتقديم الدعم المالي والإنساني لأفغانستان.
مستقبل العلاقات بين الغرب وأفغانستان في مهب الريح
إن مستقبل العلاقات بين الغرب وأفغانستان يبدو قاتماً في ظل هذه التطورات. فالانسحاب الكارثي والفشل في حماية الأفغان الذين تعاونوا مع القوات الغربية، قد أضرّ بسمعة الغرب ومصداقيته. إن إعادة بناء هذه العلاقات تتطلب جهوداً دبلوماسية مكثفة وتغييراً جذرياً في السياسات الغربية تجاه أفغانستان. يجب على الدول الغربية أن تركز على تقديم الدعم الإنساني والاقتصادي للشعب الأفغاني، وأن تدعم جهود المصالحة الوطنية والحوار السياسي. كما يجب عليها أن تواصل الضغط على حركة طالبان لحماية حقوق الإنسان، وخاصة حقوق المرأة والأقليات. إن مستقبل أفغانستان يعتمد على قدرة المجتمع الدولي على العمل معاً لإيجاد حلول مستدامة للأزمة الإنسانية والسياسية التي تعصف بالبلاد.