شهدت أسعار الذهب تقلبات حادة يوم أمس واليوم، مدفوعة بشكل أساسي بالتصريحات المتضاربة من الإدارة الأمريكية، وخاصة تلك المتعلقة بأسعار الفائدة ومستقبل رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول. في البداية، ارتفعت أسعار الذهب بشكل ملحوظ بعد أن أشارت تقارير إلى أن المرشح من قبل الإدارة الأمريكية يفضل خفض أسعار الفائدة، وهو ما يعتبر عادةً إيجابيًا لأسعار الذهب. الذهب، كأصل لا يحمل فائدة، يصبح أكثر جاذبية للمستثمرين في بيئة ذات أسعار فائدة منخفضة.

 

تراجع الذهب بعد نفي إقالة باول

ولكن بعد ساعات قليلة، تغير المشهد بشكل كبير بعد تصريح الرئيس ترامب بأنه "من المستبعد للغاية" أن يقيل رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي باول، على الرغم من إشارته إلى أن هذا الاحتمال لا يزال قائمًا في حال وجود أدلة على احتيال في مشروع تجديد المنشآت الفيدرالية. هذا التصريح المفاجئ أدى إلى تهدئة الأسواق المالية، مما قلل من جاذبية الذهب كملاذ آمن. نتيجة لذلك، فقد الذهب جزءًا كبيرًا من مكاسبه يوم أمس عند الإغلاق، وافتتح جلسة اليوم الخميس على تراجع ملحوظ. يعكس هذا التذبذب مدى حساسية أسعار الذهب للتغيرات في السياسات النقدية والتصريحات السياسية المؤثرة.

 

الضغط المستمر من ترامب لخفض أسعار الفائدة

من الجدير بالذكر أن الرئيس ترامب قد أشار في أكثر من مناسبة إلى أن باول تأخر كثيرًا في خفض أسعار الفائدة الأمريكية، مطالبًا إياه بالقيام بذلك فورًا لمنع الضرر الاقتصادي. يرى ترامب أن خفض أسعار الفائدة سيحفز النمو الاقتصادي ويجعل الصادرات الأمريكية أكثر تنافسية. ومع ذلك، يواجه ترامب مقاومة من داخل البنك الاحتياطي الفيدرالي، حيث أشار باول والعديد من صانعي السياسات إلى أن أسعار الفائدة ستبقى دون تغيير حتى يتضح التأثير التضخمي لرسوم ترامب الجمركية. هذا الخلاف المستمر بين الإدارة الأمريكية والبنك الاحتياطي الفيدرالي يضيف المزيد من الغموض إلى توقعات أسعار الذهب.

 

توقعات الفائدة وبيانات التضخم

من المتوقع على نطاق واسع أن يبقي البنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير في وقت لاحق من هذا الشهر، لا سيما وأن بيانات تضخم أسعار المستهلكين والمنتجين الصادرة هذا الأسبوع أظهرت استمرار ثبات الأسعار في يونيو. وقد أظهرت بيانات الأمس استقرار أسعار المنتجين في الولايات المتحدة على غير المتوقع في يونيو، حيث قابل ضعف قطاع الخدمات ارتفاع تكلفة السلع نتيجةً للرسوم الجمركية على الواردات. مما يشير إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤثر على الاقتصاد بشكل أقل مما كان يخشى في البداية. هذه البيانات الاقتصادية، بالإضافة إلى تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، تشير إلى أن البنك المركزي ليس في عجلة من أمره لخفض أسعار الفائدة، وهو ما قد يحد من ارتفاع أسعار الذهب على المدى القصير.

 

تراجع الطلب على الذهب في الصين

بالإضافة إلى العوامل السياسية والاقتصادية التي تؤثر على أسعار الذهب، هناك أيضًا عوامل تتعلق بالطلب الفعلي على المعدن النفيس. وفقًا لبيانات مجلس الذهب العالمي، انخفضت عمليات سحب الذهب من بورصة شنغهاي للذهب (SGE) بشكل أكبر في يونيو، منهيةً النصف الأول بانخفاض بنسبة 18% على أساس سنوي. تعتبر الصين من أكبر مستهلكي الذهب في العالم، وبالتالي فإن أي تراجع في الطلب من هذا السوق يمكن أن يؤثر سلبًا على الأسعار العالمية. يعكس هذا الانخفاض في الطلب ربما تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين أو تغير تفضيلات المستثمرين والمستهلكين الصينيين.

 

بشكل عام، يواجه سوق الذهب حاليًا مجموعة معقدة من العوامل المتضاربة، مما يجعل من الصعب التنبؤ باتجاه الأسعار على المدى القصير والمتوسط.