أكد وزيرا خارجية مصر والسعودية خلال لقائهما الأخير على عمق العلاقات الثنائية الوطيدة والروابط الأخوية والتاريخية التي تربط البلدين الشقيقين. وأشارا إلى التطور المتسارع الذي تشهده هذه العلاقات في ظل التوجيهات الصادرة من القيادة السياسية في البلدين، ممثلة بالرئيس عبد الفتاح السيسي والملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي تهدف إلى مزيد من تعميق العلاقات الوطيدة بين البلدين في ظل الوشائج الصلبة والمتينة التي تجمع بين الشعبين الشقيقين.

 

هذا التأكيد يعكس إرادة سياسية قوية من كلا الجانبين لتعزيز التعاون في مختلف المجالات، وترجمة هذه الإرادة إلى خطوات عملية ملموسة تعود بالنفع على الشعبين. إن العلاقات المصرية السعودية ليست مجرد علاقات بين دولتين، بل هي علاقات تاريخية متجذرة في عمق التاريخ، وتشكل ركيزة أساسية للاستقرار الإقليمي.

 

وأثنى الوزيران على الزخم الكبير الذي تحظى به العلاقات المصرية السعودية، بما يعكس النقلة النوعية التي تشهدها البلدين لتحقيق التنمية الشاملة والتي تجسدت في إنشاء مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي والذي يستهدف الارتقاء بمستوى التعاون بين البلدين إلى مستويات تلبي تطلعات الشعبين الشقيقين، والحرص على العمل المشترك لدعم العلاقات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية بين البلدين. هذا المجلس يمثل إطارًا مؤسسيًا هامًا لتنسيق الجهود وتعزيز التعاون في مختلف المجالات، ويساهم في تحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدين.

 

إن الاستثمارات السعودية في مصر تلعب دورًا حيويًا في دعم الاقتصاد المصري وتوفير فرص العمل، كما أن التعاون التجاري بين البلدين يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي في كلا البلدين. بالإضافة إلى ذلك، فإن التعاون في مجال الطاقة يمثل عنصرًا أساسيًا في العلاقات الثنائية، حيث تلعب السعودية دورًا هامًا في تلبية احتياجات مصر من الطاقة.

 

وفي هذا السياق، أعرب الوزير المصري عن الرفض الكامل والاستهجان لأي محاولات يائسة من بعض المنصات الإلكترونية غير المسئولة للمساس بالعلاقات التاريخية المصرية السعودية، أو الإساءة للبلدين الشقيقين والتشكيك في صلابتها، مشددا على متانة هذه العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين.

 

هذا الموقف يعكس حرص البلدين على حماية علاقاتهما من أي محاولات لزعزعتها أو الإضرار بها، والتأكيد على أن هذه العلاقات تستند إلى أسس قوية ومتينة لا يمكن المساس بها. إن وسائل الإعلام تلعب دورًا هامًا في تعزيز العلاقات بين البلدين، من خلال تسليط الضوء على أوجه التعاون المختلفة ونقل الصورة الحقيقية للعلاقات الثنائية. كما أن الحوار الثقافي بين البلدين يساهم في تعزيز التفاهم المتبادل وتقوية الروابط بين الشعبين.

ومن ناحية أخرى، بحث الوزيران مستجدات الأوضاع في المنطقة، وعلى رأسها تطورات القضية الفلسطينية، حيث تناول الوزير المصري الجهود الجارية لاستئناف وقف إطلاق النار في قطاع غزة، واستعرض في هذا السياق الاتصالات المكثفة التي تجريها مصر مع كافة الأطراف لوقف إطلاق النار وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل كامل إلى قطاع غزة، واعتزام مصر استضافة مؤتمر إعادة إعمار القطاع.

 

وعلى صعيد متصل، تطرق الوزيران إلى تطورات الأوضاع في ليبيا، حيث استعرض الوزير المصري الجهود المصرية لدعم مسار الحل الليبي الليبي وتحقيق التوافق الوطني بدون إملاءات أو تدخلات خارجية أو تجاوز لدور المؤسسات الوطنية الليبية، وفقًا للمرجعيات الخاصة بهذا الأمر. وأكد على أهمية احترام سيادة ليبيا وسلامة أراضيها والنأي بها عن التدخلات الخارجية، وضرورة تضافر الجهود الدولية لاستعادة الأمن والاستقرار في كافة أرجاء ليبيا. كما ناقش الجانبان الجهود الجارية لحلحلة الأزمة السودانية والمساعي الحثيثة لوقف الصراع الدائر، على ضوء الحرص المشترك على وحدة السودان وسلامته الإقليمية ورفض التدخلات الخارجية، والحفاظ على مؤسساته الوطنية ومصالح شعبه الشقيق.

 

واتصالًا بالملفات المطروحة على الساحة الإقليمية، فقد أدان الوزيران الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، وانتهاك سيادة ووحدة وسلامة الجمهورية العربية السورية الشقيقة، والتي كان آخرها استهداف قصر تشرين الرئاسي ومجمع الأركان العامة في دمشق. وأكد الجانبان ضرورة انسحاب إسرائيل من كافة الأراضي السورية التي احتلتها منذ عام ١٩٦٧ بما فيها هضبة الجولان، وضرورة احترام السيادة ووحدة وسلامة الأراضي السورية. عكس اللقاء بين وزيري خارجية مصر والسعودية التوافق في الرؤى بين البلدين الشقيقين، والرغبة المتبادلة في بذل مزيد من الجهود لتطوير العلاقات الثنائية، والعمل المشترك لإيجاد حلول سياسية ودبلوماسية للأزمات التي تموج بها المنطقة. هذا التوافق يعكس إدراك البلدين لأهمية التعاون والتنسيق في مواجهة التحديات المشتركة، والسعي إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.