الخميس، 17 يوليو 2025 10:19 م - أكد الدكتور أيمن أبو عمر، من علماء وزارة الأوقاف، على أهمية الترابط الاجتماعي وأثره في استقامة حياة الفرد والمجتمع. وشدد على أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، وأن سعادته ورفاهيته لا تتحقق إلا من خلال تفاعله الإيجابي مع الآخرين وبناء علاقات قوية ومتينة معهم. وأشار إلى أن المجتمع المتماسك هو بمثابة الجسد الواحد، حيث يؤثر كل فرد فيه على الآخرين، وأن صلاح الفرد هو صلاح للمجتمع بأكمله.
طبيعة الإنسان الاجتماعية
أوضح الدكتور أبو عمر أن طبيعة الإنسان مفطورة على التفاعل والتواصل مع الآخرين، وأن العزلة والانفراد يتعارضان مع هذه الطبيعة. واستدل بقصة سيدنا آدم عليه السلام، الذي شعر بالوحشة في الجنة على الرغم من كل ما فيها من نعيم، حتى خلق الله له حواء لتكون له سكنًا وأنيسًا. وأضاف أن هذه القصة تؤكد أن الإنسان يحتاج إلى شريك وصاحب يشاركه حياته ويكون له عونًا وسندًا. وذكر قول ابن خلدون الشهير: "الإنسان مدني بطبعه"، مؤكدًا أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بمفرده، بل يحتاج دائمًا إلى من يسنده ويقف بجواره ويسمعه ويكون قريبًا منه. هذا الاحتياج المتبادل هو أساس بناء المجتمع القوي والمتماسك.
الاتحاد والتكامل
أشار الدكتور أبو عمر إلى أن الاتحاد والتكامل هما جوهر معنى الترابط الاجتماعي، وأن المجتمع القوي هو الذي يتكون من أفراد يعملون معًا كيد واحدة لإكمال بعضهم البعض. وأوضح أن هذا المعنى يتجلى في التعاون والتكافل والتآزر بين أفراد المجتمع، حيث يساعد القوي الضعيف، والغني الفقير، والعالم الجاهل. وأضاف أن هذا التكامل يؤدي إلى تحقيق التنمية والازدهار في المجتمع، ويجعله قادرًا على مواجهة التحديات والصعاب. فالمجتمع المتحد هو مجتمع قوي قادر على تحقيق أهدافه وتطلعاته.
القرآن الكريم وأهمية الترابط
أكد الدكتور أبو عمر أن القرآن الكريم أولى اهتمامًا كبيرًا بالترابط الاجتماعي، وأنه حث المسلمين على الوحدة والاجتماع ونبذ الفرقة والخلاف. واستشهد بقوله تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا"، مشيرًا إلى أن هذه الآية جاءت عقب الحديث عن الخلاف الذي كان بين الأوس والخزرج، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وأصلح بينهم، لأن المجتمع لا يستقيم إلا حين تكون بين أفراده لحمة واحدة. وأضاف أن القرآن الكريم حذر من التفرق والاختلاف، لأنه يؤدي إلى الضعف والتشتت والفشل. فالوحدة هي قوة، والفرقة هي ضعف.
المجتمع كالجسد الواحد
أوضح الدكتور أبو عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم شبه المجتمع بالجسد الواحد، حيث قال: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى". وأشار إلى أن هذا التعبير البليغ يوضح مدى الترابط والتأثير المتبادل بين أفراد المجتمع، وأن أي ألم أو معاناة يصيب فردًا فيه يؤثر على الجميع. وأضاف أن هذا التشبيه يؤكد أن صلاح الفرد هو صلاح للمجتمع بأكمله، وأن فساد الفرد هو فساد للمجتمع بأكمله. فالمجتمع هو مسؤولية الجميع، ويجب على كل فرد أن يسعى إلى إصلاح نفسه وإصلاح مجتمعه. وشدد على أن هذا التعبير النبوي لا يمكن أن تصفه فلسفة أو أدب، فهو يجسد أسمى معاني التكافل والتراحم بين أفراد المجتمع، ويؤكد أن المجتمع لا يستقيم إلا إذا كان الجميع يدًا واحدة.