توم برّاك: سوريا عند منعطف حاسم ويجب أن يسود السلام والحوار

أكد المحلل السياسي توم برّاك على أن سوريا تقف اليوم عند منعطف حاسم في تاريخها، حيث تتشابك التحديات الداخلية والخارجية لتشكل واقعاً معقداً يتطلب حلولاً مبتكرة وشاملة. وأشار برّاك إلى أن تحقيق السلام الدائم والاستقرار المستدام في سوريا يتوقف على إعلاء قيم الحوار والتفاهم بين جميع الأطراف السورية، مع ضرورة تدخل المجتمع الدولي بفاعلية لدعم هذه العملية. وأوضح أن استمرار العنف والصراع لن يؤدي إلا إلى مزيد من المعاناة الإنسانية وتعميق الأزمة، مما يجعل من الحوار الخيار الوحيد القابل للتطبيق لإنقاذ سوريا من مستقبل مظلم. الحوار الشامل الذي يضم كافة أطياف المجتمع السوري هو السبيل الأمثل لتحقيق المصالحة الوطنية وبناء سوريا المستقبل.

ويرى برّاك أن الأزمة السورية قد تجاوزت كونها مجرد صراع داخلي، لتصبح قضية إقليمية ودولية معقدة، حيث تتدخل قوى خارجية مختلفة لتحقيق مصالحها الخاصة، مما يزيد من تعقيد المشهد ويعرقل جهود السلام. وأكد على ضرورة أن تتبنى هذه القوى مقاربة جديدة تركز على دعم الحل السياسي الذي يقوده السوريون أنفسهم، بعيداً عن التدخلات الخارجية التي تهدف إلى فرض حلول مفروضة. السيادة السورية يجب أن تكون مصانة، والشعب السوري هو صاحب الحق الأصيل في تقرير مصيره ومستقبله. ويجب على المجتمع الدولي أن يضطلع بمسؤولياته في حماية المدنيين وتوفير المساعدات الإنسانية للمتضررين من الصراع.

وشدد برّاك على أن إعادة بناء سوريا بعد سنوات من الحرب والدمار يتطلب جهوداً ضخمة وإمكانيات هائلة، سواء على المستوى المادي أو المعنوي. وأشار إلى أن إعادة إعمار البنية التحتية المدمرة، وإعادة تأهيل الاقتصاد المتدهور، وإعادة دمج اللاجئين والنازحين في المجتمع، هي تحديات كبيرة تتطلب تضافر جهود جميع السوريين، بالإضافة إلى دعم سخي من المجتمع الدولي. إعادة الإعمار يجب أن تكون شاملة ومستدامة، وأن تركز على تلبية احتياجات جميع السوريين، دون تمييز أو إقصاء. ويجب أن تكون عملية إعادة الإعمار شفافة وخاضعة للمساءلة، لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها ومنع الفساد.

وأكد برّاك على أهمية معالجة جذور الأزمة السورية، والتي تتمثل في غياب الديمقراطية والحريات، وانتشار الفساد، والتهميش الاجتماعي والاقتصادي. وأشار إلى أن تحقيق الاستقرار الدائم في سوريا يتطلب إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية شاملة، تضمن مشاركة جميع السوريين في الحياة السياسية والاقتصادية، وتحقق العدالة والمساواة للجميع. الإصلاحات الشاملة يجب أن تشمل تعديل الدستور، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وضمان حرية التعبير والتجمع، ومكافحة الفساد، وتحسين الخدمات العامة، وتوفير فرص العمل للشباب.

وختم برّاك حديثه بالتأكيد على أن مستقبل سوريا يعتمد على قدرة السوريين على تجاوز خلافاتهم وتوحيد صفوفهم، والعمل معاً من أجل بناء سوريا جديدة، دولة ديمقراطية حديثة، تحترم حقوق الإنسان، وتضمن العدالة والمساواة للجميع. وأعرب عن تفاؤله بإمكانية تحقيق السلام والاستقرار في سوريا، إذا توفرت الإرادة السياسية الصادقة، وتضافرت جهود جميع الأطراف المعنية. مستقبل سوريا بين أيدي السوريين، وهم وحدهم القادرون على تحديد مصيرهم ومستقبل بلادهم. ويجب على المجتمع الدولي أن يدعم جهودهم، ويوفر لهم المساعدة اللازمة لتحقيق السلام والاستقرار والازدهار.