شهدت الكلية العريقة حفل تخرج مبارك لطالبات الطب، تتويجًا لسنوات من الجد والاجتهاد، ومؤكدًا على دور الأزهر الشريف في تخريج طبيبات قادرات على أداء رسالته السامية. الحفل كان بمثابة احتفال بالعلم والعمل، بالتحديات التي تم تجاوزها والآمال والطموحات التي تحققت، ليقدم للمجتمع كفاءات طبية تجمع بين العلم العميق والالتزام الديني. وقد أكد وكيل الأزهر خلال الحفل أن هذا التخرج هو خير دليل على أن المرأة لم تكن يومًا مظلومة في الإسلام، بل هي شريك أساسي في بناء المجتمع وتقدمه. هذا الحفل الأزهري يمثل ردًا عمليًا على من يتهمون الإسلام بظلم المرأة، ويبرهن على أن الأزهر الشريف يقف دائمًا مع المرأة وينتصر لقضاياها، ويسعى جاهدًا لتمكينها في جميع المجالات.
الأزهر الشريف يسعى في تمكين المرأة بما يحفظها من التقاليد الراكدة التي تعيق تقدمها، ويصونها من العادات الوافدة التي تتنافى مع قيمنا الإسلامية الأصيلة. إنه يقدم للعالم أنموذجًا أزهريًا للمرأة المسلمة القادرة على مواجهة تحديات العصر بالعلم والفكر والإبداع. هذه المرأة التي وثب بها الإسلام فتجاوزت العادات الراكدة، لتكون لها الأثر الكبير في صناعة حضارته، من خلال بناء أجيال واعية مؤمنة بقضايا الأمة الكبرى. إن الأزهر يرى في المرأة قوة دافعة للتغيير الإيجابي، ومحركًا أساسيًا للتنمية المستدامة، ومصدر إلهام للأجيال القادمة.
أشار الدكتور الضويني إلى أن الواقع الذي نعيشه اليوم، وما فيه من سباق علمي محموم يرفع المجتمعات أو يضعها، وفي ظل انتشار الأمراض والأوبئة، يدرك الجميع أن رسالة الطب ودور الأطباء في غاية الأهمية. إن مهنة الطب وممارستها تعتبر من أجل المهن في تاريخ الإنسانية، فهي تتعلق بحياة الناس وصحتهم وسلامتهم. هذا يؤكد أن تخرج الطالبات اليوم ليس مجرد الحصول على شهادة تعلق على الجدران، بل هو عهد ومسؤولية وأمانة عظيمة، تضع على عاتق كل واحدة منهن واجبًا إنسانيًا ومهنيًا وأخلاقيًا جسيمًا. هذا الواجب يتجسد في تقديم الخدمة الطبية المتميزة للمرضى، وحماية صحتهم وأرواحهم، ونشر القيم الراقية التي تعلمنها في رحاب الأزهر الشريف.
إن الخدمة الطبية المتميزة لا تقتصر على التشخيص الصحيح والعلاج الفعال، بل تتعدى ذلك إلى التعامل الإنساني الراقي مع المرضى، والاستماع إلى مشاكلهم، وتخفيف آلامهم، وتقديم الدعم النفسي والمعنوي لهم. يجب أن تكون الطبيبة الأزهرية قدوة حسنة في الأخلاق والقيم، وأن تتحلى بالصبر والتسامح والتفاني في العمل. عليها أن تتذكر دائمًا أنها تحمل رسالة عظيمة، وهي رسالة الرحمة والرعاية والإنسانية، وأنها تمثل الأزهر الشريف، الذي يحرص على تخريج كوادر طبية مؤهلة ومتميزة، قادرة على خدمة المجتمع والنهوض به.
اختتم وكيل الأزهر كلمته بالتأكيد على أن يوم التخرج ليس نهاية المطاف، بل هو بداية الطريق نحو ميادين الحياة العملية، حيث تختبر القدرات وتبرز الكفاءات. إن الطالبات اليوم يحملن رسالة عظيمة، هي رسالة الرحمة والرعاية والإنسانية، فعليهن أن يكن خير من يمثل الأزهر، وأن يتمسكن بالأمانة، وأن يصدقن في أداء رسالتهن، وأن يحرصن على الالتزام بالأخلاقيات الراقية في التعامل مع المرضى، وأن يجعَلن الإخلاص وتقوى الله نصب أعينهن في كل قول وعمل. فالتوفيق والنجاح حليف من يتقي الله ويعمل بإخلاص وتفانٍ.