نشرت الجريدة الرسمية في عددها رقم 32 مكرر بتاريخ 13 أغسطس سنة 2025، القانون رقم 169 لسنة 2025، والذي يتضمن تعديلات جوهرية على بعض أحكام قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981. وتأتي هذه التعديلات في إطار رؤية شاملة لتطوير منظومة التعليم في مصر، ومواكبة التطورات العالمية في هذا المجال. يهدف القانون الجديد إلى تحسين جودة التعليم، وتطوير المناهج الدراسية، وتأهيل المعلمين، وتوفير بيئة تعليمية محفزة للابتكار والإبداع. وقد حظيت هذه التعديلات باهتمام واسع من قبل المعلمين والطلاب وأولياء الأمور، لما لها من تأثير مباشر على مستقبل التعليم في مصر. ومن أبرز ملامح القانون الجديد، التركيز على التعليم المهني والتقني، وتطوير المدارس الفنية، وإدخال نظام البكالوريا المصرية، بالإضافة إلى تعديلات تتعلق بشروط خدمة أعضاء هيئة التدريس.

تعديلات جوهرية على خدمة أعضاء هيئة التدريس: المادة 88

تضمنت التعديلات الجديدة مادة هامة، وهي المادة 88، والتي تتعلق بشروط خدمة أعضاء هيئة التدريس. وتنص المادة على أنه مع مراعاة أحكام قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الصادر بالقانون رقم 148 لسنة 2019، تنتهي خدمة شاغل الوظيفة بأحد الأسباب المبينة بقانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016. هذا يعني أن أعضاء هيئة التدريس يخضعون لنفس القواعد والشروط التي يخضع لها الموظفون المدنيون فيما يتعلق بإنهاء الخدمة. إلا أن القانون الجديد استثنى من ذلك حالة بلوغ عضو هيئة التدريس سن التقاعد في الفترة من بدء العام الدراسي حتى نهايته، حيث يسمح له بالبقاء في الخدمة حتى انتهاء العام الدراسي. وهذا يضمن استقرار العملية التعليمية وعدم وجود نقص في عدد المعلمين خلال العام الدراسي. كما يجيز القانون في حالات الضرورة بقرار من رئيس الجمهورية أو من يفوضه بناء على عرض وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، مد خدمة أي من شاغلي وظائف أعضاء هيئة التعليم القائمين بأعمال التدريس بالمدارس في التخصصات التي يتطلبها الاحتياج الفعلى وفقا لرغبته وقدرته، وذلك لمدة عام يجوز تجديدها سنويا بما لا يجاوز ثلاث سنوات. وهذا يتيح الاستفادة من خبرات المعلمين المتقاعدين في التخصصات النادرة أو التي تعاني من نقص في المعلمين.

الحقوق التأمينية للمعلمين بعد بلوغ سن الشيخوخة

أكد القانون الجديد على الحقوق التأمينية للمعلمين الذين يتم مد خدمتهم بعد بلوغ سن الشيخوخة. فمع عدم الإخلال بحكم المادة (41) من قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات المشار إليه، يستحق كل من يبقى في الخدمة حتى نهاية العام الدراسي ويتقرر مد الخدمة له وفقا لأحكام الفقرة الثالثة من المادة 88 حقوقه التأمينية ببلوغه سن الشيخوخة، وذلك بالإضافة لكامل الأجر، وتوقف استقطاعات اشتراكات تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة اعتبارا من بلوغه هذه السن. وهذا يضمن حصول المعلمين على كامل حقوقهم التأمينية والمعاشية، ويشجعهم على الاستمرار في الخدمة بعد بلوغ سن التقاعد إذا كانت هناك حاجة إليهم. كما أن توقف استقطاعات اشتراكات التأمين بعد بلوغ سن الشيخوخة يمثل ميزة إضافية للمعلمين الذين يتم مد خدمتهم.

أثر القانون الجديد على منظومة التعليم في مصر

من المتوقع أن يكون للقانون الجديد رقم 169 لسنة 2025 تأثير إيجابي على منظومة التعليم في مصر. فالتعديلات التي أدخلها على قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981 تهدف إلى تحسين جودة التعليم، وتطوير المناهج الدراسية، وتأهيل المعلمين، وتوفير بيئة تعليمية محفزة للابتكار والإبداع. كما أن التركيز على التعليم المهني والتقني، وتطوير المدارس الفنية، وإدخال نظام البكالوريا المصرية، يساهم في تلبية احتياجات سوق العمل، وتأهيل الطلاب للوظائف المستقبلية. بالإضافة إلى ذلك، فإن التعديلات التي تتعلق بشروط خدمة أعضاء هيئة التدريس تضمن استقرار العملية التعليمية، والاستفادة من خبرات المعلمين المتقاعدين، وحصول المعلمين على كامل حقوقهم التأمينية والمعاشية. ومن المتوقع أن يساهم القانون الجديد في تحقيق نقلة نوعية في التعليم في مصر، ورفع مستوى الخريجين، وتأهيلهم للمنافسة في سوق العمل العالمي.

تحديات التنفيذ والتوصيات المستقبلية

على الرغم من المزايا العديدة التي يحملها القانون الجديد، إلا أن هناك بعض التحديات التي قد تواجه تنفيذه. ومن أهم هذه التحديات، الحاجة إلى توفير الموارد المالية اللازمة لتطبيق القانون، وتأهيل المعلمين على المناهج الجديدة، وتوفير البنية التحتية اللازمة للمدارس الفنية والتقنية. كما أن هناك حاجة إلى وضع آليات واضحة لتطبيق القانون، وتحديد المسؤوليات والمهام لكل الجهات المعنية. ولضمان نجاح تطبيق القانون، يوصى بتشكيل لجنة عليا تضم ممثلين عن وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، ووزارة المالية، ووزارة التخطيط، والجهات المعنية الأخرى، تتولى الإشراف على تنفيذ القانون، وتقديم الدعم الفني والمالي اللازم. كما يوصى بإجراء تقييم دوري لتطبيق القانون، وتحديد المشكلات التي تواجه التنفيذ، وتقديم الحلول المناسبة.