مصور واقعة "مطاردة فتيات الواحات" يكشف كواليس لم ترصدها كاميرا هاتفه
لحظات ما قبل الانتشار: نظرة من الداخل
واقعة "مطاردة فتيات الواحات" أثارت جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، لكن ما لم يرصده أغلب المشاهدين هو الكواليس التي سبقت انتشار الفيديو. المصور الذي وثق اللحظات الأولى، والذي فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب تتعلق بسلامته الشخصية، يروي تفاصيل حصرية تكشف عن سياق أوسع للحدث. يقول المصور، والذي سنطلق عليه اسم "أحمد" لحماية هويته، أنه كان في المنطقة لأغراض سياحية بحتة، يستكشف جمال الواحات الخفية ويحاول التقاط صور فوتوغرافية فريدة للحياة البرية والنباتات النادرة. لم يكن يتوقع أن يشهد مثل هذا الحدث، ولم يكن مستعداً تماماً للتعامل معه. يضيف أحمد أنه لاحظ مجموعة من الشباب يتصرفون بطريقة مريبة بالقرب من مجموعة من الفتيات، لكنه لم يكن متأكداً مما يحدث بالضبط. في البداية، ظن أن الأمر مجرد مزاح أو سوء تفاهم عابر، لكن سرعان ما تبين له أن الأمر يتجاوز ذلك بكثير. "كانت الأجواء متوترة بشكل ملحوظ،" يقول أحمد، "شعرت أن هناك شيئاً خاطئاً يحدث." ويشير إلى أنه تردد في البداية في التدخل أو التصوير، خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى تفاقم الوضع أو تعريض نفسه للخطر. لكن عندما رأى الفتيات يبدين علامات الخوف والقلق، قرر أنه لا يستطيع البقاء صامتاً.
القرار الصعب: التوثيق بدل التدخل المباشر
أحمد يوضح أنه واجه معضلة أخلاقية صعبة: هل يتدخل بشكل مباشر لوقف ما يحدث، أم يكتفي بالتوثيق؟ يقول إنه فكر ملياً في العواقب المحتملة لكل خيار. التدخل المباشر قد يؤدي إلى تصعيد الموقف وربما إلى اشتباكات عنيفة، خاصة وأن عدد الشباب كان يفوق عدد الفتيات والمصور نفسه. كما أنه لم يكن متأكداً من مدى قانونية تدخله، وما إذا كان سيتمكن من تقديم مساعدة فعالة للفتيات. من ناحية أخرى، كان يخشى أن يندم لاحقاً إذا لم يفعل شيئاً على الإطلاق. في النهاية، قرر أحمد أن أفضل طريقة للمساعدة هي توثيق ما يحدث، على أمل أن يتم استخدام الفيديو كدليل لإدانة المتورطين وحماية الضحايا. "شعرت أن الكاميرا هي سلاحي الوحيد في تلك اللحظة،" يقول أحمد. ويضيف أنه حاول قدر الإمكان التقاط صور واضحة ومقربة للوجوه والأرقام، لضمان أن يتمكن المحققون من التعرف على المتورطين بسهولة. ويشير إلى أنه كان يصور الفيديو بهدوء وحذر، محاولاً عدم لفت الانتباه إليه، خوفاً من أن يقوم الشباب بمهاجمته أو تدمير هاتفه. ويؤكد أنه كان يشعر بالتوتر والخوف الشديدين طوال فترة التصوير، لكنه كان مصمماً على إكمال المهمة.
ما بعد الانتشار: الخوف والندم والأمل
بعد انتشار الفيديو على نطاق واسع، شعر أحمد بمشاعر مختلطة من الخوف والندم والأمل. كان خائفاً من أن يتم التعرف عليه والانتقام منه من قبل المتورطين أو المتعاطفين معهم. كما كان يشعر بالندم لأنه لم يتمكن من فعل المزيد لمساعدة الفتيات بشكل مباشر. لكنه في الوقت نفسه كان يشعر بالأمل في أن يكون الفيديو قد ساهم في كشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين. "أتمنى أن يكون الفيديو قد أحدث فرقاً،" يقول أحمد. ويضيف أنه تلقى العديد من الرسائل من أشخاص يشكرونه على شجاعته وتوثيقه للواقعة. كما تلقى بعض الرسائل التي تنتقده لعدم تدخله بشكل مباشر، لكنه يرى أن قراره كان صائباً في ظل الظروف الصعبة التي واجهها. ويؤكد أنه مستعد للتعاون مع السلطات المختصة وتقديم أي معلومات إضافية لديه، للمساعدة في إحقاق الحق. ويأمل أن تكون هذه الواقعة درساً للجميع، وأن يتم اتخاذ إجراءات جادة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل.
رسالة إلى المجتمع: حماية الفتيات مسؤولية الجميع
أحمد يوجه رسالة إلى المجتمع بأسره، يدعو فيها إلى حماية الفتيات ومكافحة التحرش والعنف ضدهن. يقول إن هذه ليست مسؤولية الشرطة أو الحكومة فقط، بل هي مسؤولية كل فرد في المجتمع. "يجب علينا جميعاً أن نكون يقظين ومستعدين للتدخل عند رؤية أي سلوك يهدد سلامة الفتيات،" يقول أحمد. ويضيف أنه يجب علينا أيضاً أن نربي أولادنا على احترام الفتيات وعدم التمييز ضدهن. ويشير إلى أن التحرش والعنف ضد الفتيات ليسا مجرد جرائم فردية، بل هما انعكاس لمشكلة ثقافية واجتماعية أعمق. ويؤكد أنه يجب علينا أن نعمل جميعاً على تغيير هذه الثقافة، وخلق مجتمع أكثر عدلاً ومساواة وأماناً للجميع. ويختتم حديثه بالقول: "الفتيات هن مستقبلنا، ويجب علينا أن نحميهن وندعمهن ليصبحن قادة ومبدعات ومواطنات فاعلات في مجتمعنا."
تحديات مستقبلية: ضمان عدم تكرار الحوادث
بعد هذه الواقعة، يرى أحمد أن هناك تحديات كبيرة تواجه المجتمع في ضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث. أولاً، يجب تعزيز القوانين والتشريعات التي تحمي الفتيات وتعاقب المتحرشين والمعتدين. ثانياً، يجب توفير الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا، لمساعدتهن على تجاوز الصدمة والتعافي. ثالثاً، يجب تنظيم حملات توعية مكثفة لتغيير المفاهيم الخاطئة والسلوكيات السلبية تجاه الفتيات. رابعاً، يجب تمكين الفتيات وتعزيز ثقتهن بأنفسهن، لكي يتمكن من الدفاع عن حقوقهن والتعبير عن آرائهن بحرية. خامساً، يجب تشجيع الشباب على المشاركة في مكافحة التحرش والعنف ضد الفتيات، وتحويلهم إلى حلفاء وداعمين لهن. ويرى أحمد أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، من الحكومة إلى المجتمع المدني إلى الأفراد. ويؤكد أنه متفائل بمستقبل أفضل، وأنه سيواصل العمل من أجل تحقيق مجتمع أكثر أماناً وعدلاً للجميع. "التغيير ممكن، لكنه يتطلب جهداً مستمراً وتعاوناً وثيقاً بين الجميع،" يختتم أحمد حديثه.