أظهر تقرير حديث صادر عن شركة كاناليس المتخصصة في تحليلات السوق تطورا لافتا في قطاع أجهزة الحاسوب الشخصية حيث كشف التقرير أن ما نسبته سبعة عشر بالمئة من إجمالي شحنات الحواسيب خلال العام الفين واربعة وعشرين كانت من فئة الأجهزة القادرة على تشغيل الذكاء الاصطناعي هذه الفئة التي تميزها احتوائها على مكونات مادية مخصصة مثل وحدات المعالجة العصبونية لدعم وتشغيل تطبيقات وميزات الذكاء الاصطناعي المتقدمة بشكل مباشر على الجهاز هذا الرقم يعكس بداية مرحلة جديدة في عالم الحوسبة الشخصية حيث لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد مفهوم سحابي بعيد بل أصبح جزءا لا يتجزأ من تجربة المستخدم اليومية يتسلل بثبات الى منازلنا ومكاتبنا مدفوعا بالتطور السريع في الهواتف الذكية والآن في أجهزة الحاسوب
ابل تحكم قبضتها على نصف شحنات الحواسيب الداعمة للذكاء الاصطناعي
المفاجأة الأبرز في تقرير كاناليس كانت السيطرة شبه المطلقة لشركة ابل على هذا القطاع الناشئ فوفقا للبيانات استحوذت عملاقة التكنولوجيا الأمريكية على أكثر من نصف الشحنات ضمن فئة الحواسيب القادرة على تشغيل الذكاء الاصطناعي وهو ما يمثل نسبة تفوق الخمسين بالمئة من هذا السوق هذا التفوق الكاسح يعزى بشكل أساسي إلى قوة معالجها الثوري الجديد ام فور والذي تم تصميمه بقدرات معالجة عصبونية متقدمة تتيح تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي المعقدة بكفاءة وسرعة عالية مباشرة على الجهاز دون الحاجة للاتصال المستمر بالانترنت إن هيمنة ابل بهذا الشكل المبكر تضعها في موقع ريادي قوي وتمنحها أفضلية تنافسية واضحة في سباق الذكاء الاصطناعي على الأجهزة الشخصية
لينوفو واتش بي في المركز الثاني لكن بفارق كبير
في المقابل وبينما تحتفل ابل بتصدرها المشهد جاءت شركتا لينوفو واتش بي العريقتان في صناعة الحواسيب في المركزين الثاني والثالث على التوالي لكن بفارق شاسع جدا عن ابل حيث حصلت كل منهما على حصة تقدر باثني عشر بالمئة فقط من شحنات الحواسيب القادرة على تشغيل الذكاء الاصطناعي لعام الفين واربعة وعشرين هذا الرقم ورغم أنه يضعهما في مراتب متقدمة مقارنة بباقي الشركات إلا أنه يوضح حجم الفجوة الكبيرة بينهما وبين ابل في هذا المجال تحديدا مما يشير إلى أن المنافسة لا تزال في بداياتها وأن على شركات تصنيع حواسيب ويندوز بذل جهود مضاعفة للحاق بركب ابل في دمج قدرات الذكاء الاصطناعي الفعالة والجذابة للمستخدمين
استراتيجية ابل طويلة الأمد تؤتي ثمارها مع ابل انتليجنس
نجاح ابل الحالي ليس وليد اللحظة بل هو نتاج استراتيجية طويلة الأمد بدأت الشركة في تنفيذها منذ سنوات فدمجها لمنظومتها الجديدة للذكاء الاصطناعي المعروفة باسم ابل انتليجنس في أحدث أجهزتها مثل جهاز ماك ميني المزود بمعالج ام فور يمثل تتويجا لهذه الجهود هذه المنظومة تعتمد بشكل كبير على قدرات المعالجة على الجهاز نفسه مما يعزز الخصوصية وسرعة الاستجابة ويمكن تتبع جذور اهتمام ابل بالذكاء الاصطناعي المدمج في الأجهزة إلى عام الفين وسبعة عشر عندما قدمت معالج ايه الحادي عشر بيونيك في هواتف ايفون ثمانية وايفون اكس والذي كان يحتوي على أول محرك عصبي مخصص في أجهزتها ومنذ ذلك الحين واصلت ابل تطوير قدراتها في هذا المجال وصولا إلى معالجات سلسلة ام القوية التي نراها اليوم
تحديات تواجه حواسيب ويندوز المزودة بتقنيات الذكاء الاصطناعي
على الضفة الأخرى يبدو أن أجهزة الحاسوب العاملة بنظام التشغيل ويندوز والتي دخلت مؤخرا سوق الذكاء الاصطناعي تحت مظلة اجهزة كوبايلوت بلس من مايكروسوفت تواجه بعض التحديات الأولية تشير التقارير إلى أن مبيعات هذه الأجهزة لم تحقق الانطلاقة القوية التي كانت متوقعة ويعود ذلك جزئيا إلى الجدل الكبير الذي أثير حول ميزة ريكول أو الاستدعاء هذه الميزة التي صممت لالتقاط لقطات شاشة تلقائية ومستمرة لنشاط المستخدم بهدف تسهيل البحث والعودة للمعلومات السابقة أثارت مخاوف كبيرة تتعلق بخصوصية المستخدمين وأمن بياناتهم مما دفع مايكروسوفت إلى التراجع جزئيا وتأجيل إطلاقها بشكل افتراضي هذه البداية المتعثرة قد تؤثر على سرعة تبني المستخدمين لحواسيب ويندوز الداعمة للذكاء الاصطناعي على المدى القصير
مستقبل سوق الحواسيب يتجه نحو الذكاء الاصطناعي والتنافس يشتد
بشكل عام يؤكد تقرير كاناليس أن الحواسيب القادرة على تشغيل الذكاء الاصطناعي لم تعد مجرد فكرة مستقبلية بل أصبحت واقعا ملموسا وحقيقة سوقية متنامية ومع توقعات بزيادة هذه النسبة بشكل كبير في السنوات القادمة يبدو واضحا أن الذكاء الاصطناعي المدمج سيصبح ميزة قياسية في معظم الأجهزة المستقبلية إن هيمنة ابل المبكرة تضع ضغطا كبيرا على المنافسين لتطوير حلولهم الخاصة وابتكار ميزات ذكاء اصطناعي تلبي احتياجات المستخدمين وتحافظ على خصوصيتهم في الوقت نفسه ويشير المحللون الى ان الفترة القادمة ستشهد تسارعا في وتيرة الابتكار والمنافسة في هذا السوق الواعد