شهد سعر الدولار الامريكي تحركا صعوديا طفيفا امام الجنيه المصري في تعاملات اليوم الخميس الموافق الثالث من ابريل عام الفين وخمسة وعشرين مسجلا مستويات جديدة في البنك المركزي المصري حيث وصل سعر الشراء الى خمسين جنيها واثنين وخمسين قرشا بينما بلغ سعر البيع خمسين جنيها وستة وستين قرشا ياتي هذا الارتفاع المحدود بعد فترة من الاستقرار النسبي الذي ساد سوق الصرف خلال الايام القليلة الماضية مما يثير تساؤلات حول اتجاهات العملة الخضراء المستقبلية في ظل المعطيات الاقتصادية الحالية
اسباب تحرك سعر الصرف
يعزو بعض المراقبين هذا التحرك الطفيف الى ديناميكيات العرض والطلب الطبيعية في السوق بعد فترة الهدوء السابقة فضلا عن التأثر بالتدفقات النقدية الاجنبية والمحلية بينما يرى اخرون انها قد تكون بداية لمرحلة جديدة من التذبذب تتأثر بالاوضاع الاقتصادية العالمية والمحلية المستجدة والقرارات المرتبطة بالسياسة النقدية ويظل السوق يترقب اي بيانات جديدة قد تؤثر على مسار العملة الامريكية مقابل العملة المحلية خلال الفترة المقبلة
قرار لجنة السياسة النقدية وتأثيره
في سياق متصل كانت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري قد قررت في اجتماعها الاخير الابقاء على اسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير يذكر حيث استقر سعر عائد الايداع لليلة واحدة عند مستوى سبعة وعشرين فاصل خمسة وعشرين بالمئة وسعر عائد الاقراض لليلة واحدة عند ثمانية وعشرين فاصل خمسة وعشرين بالمئة وارجع البنك المركزي هذا القرار الى استمرار حالة عدم اليقين التي تخيم على الاقتصاد العالمي والحاجة الى تقييم اثر القرارات السابقة المتعلقة برفع الفائدة على معدلات التضخم والنشاط الاقتصادي المحلي يعتبر تثبيت الفائدة مؤشرا على محاولة تحقيق التوازن بين السيطرة على التضخم ودعم النمو الاقتصادي
مؤشرات الاقتصاد المصري والتعافي التدريجي
تزامنا مع هذه التطورات في سوق الصرف اظهرت تقارير حديثة صادرة عن البنك المركزي المصري بوادر ايجابية تتعلق باداء الاقتصاد الوطني حيث اشارت البيانات الاولية الى ان معدل النمو خلال الربع الرابع من عام الفين واربعة وعشرين كان اسرع من الوتيرة المسجلة في الربع الثالث ويعزى هذا التحسن بشكل رئيسي الى الاداء القوي لبعض القطاعات الحيوية التي تقود قاطرة النمو ويمكن اجمال ابرز القطاعات الداعمة في النقاط التالية
-
قطاع الصناعة التحويلية الذي شهد نشاطا ملحوظا وزيادة في الانتاج
-
قطاع النقل واللوجستيات مدعوما بزيادة حركة التجارة والمشروعات القومية
-
بعض الانشطة الخدمية الاخرى مثل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التي بدأت تستعيد عافيتها وتظهر نموا مستداما
هذه المؤشرات تعكس مرونة الاقتصاد المصري وقدرته على التكيف مع الصدمات الخارجية والداخلية وتدعم النظرة المتفائلة نسبيا للمستقبل القريب
توقعات التضخم والسياسات الحكومية
على الرغم من التحديات التي تفرضها البيئة الاقتصادية العالمية وتقلبات اسعار السلع الاساسية والطاقة لا تزال الحكومة المصرية تتوقع استمرار المسار النزولي لمعدلات التضخم خلال العام الجاري الفين وخمسة وعشرين وتعمل الحكومة بالتنسيق مع البنك المركزي على تبني سياسات تهدف الى كبح جماح الاسعار ودعم استقرار الاقتصاد الكلي على المدى المتوسط وتشمل هذه السياسات ضبط الانفاق الحكومي وترشيد الاستيراد وتشجيع الانتاج المحلي وتوفير السلع الاساسية باسعار مناسبة للمواطنين
انعكاسات سعر الصرف على الاسواق
بالطبع تظل تحركات سعر صرف الدولار محل متابعة دقيقة من قبل المواطنين والشركات على حد سواء نظرا لانعكاساتها المباشرة على تكاليف الاستيراد وبالتالي على اسعار العديد من السلع والخدمات في السوق المحلي كما تؤثر على قرارات الاستثمار والتخطيط المالي للمؤسسات وخاصة تلك التي تعتمد على مدخلات انتاج مستوردة او تقوم بتصدير منتجاتها للخارج ويأمل الجميع في استقرار نسبي لسعر الصرف لدعم القدرة الشرائية وتوفير بيئة اعمال اكثر استقرارا
ختاما يمثل الارتفاع الطفيف في سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم حلقة جديدة في مسلسل التفاعلات بين العملة المحلية والعوامل الاقتصادية الداخلية والخارجية ومع تثبيت اسعار الفائدة ومؤشرات النمو الايجابية يبقى الوضع الاقتصادي في مصر مزيجا من التحديات المتمثلة في الضغوط التضخمية العالمية والفرص الكامنة في التعافي التدريجي للقطاعات المختلفة مما يتطلب متابعة مستمرة وتقييما دقيقا للسياسات المتبعة لضمان تحقيق الاستقرار والنمو المستدام