تتجه الانظار نحو خطوة اقتصادية هامة حيث تستعد مصر لاستقبال الشريحة الثانية المنتظرة من حزمة التمويل المقدمة من الاتحاد الاوروبي والتي تبلغ قيمتها اربعة مليارات يورو ياتي هذا التحرك ضمن اطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة والطموحة بين القاهرة وبروكسل وفقا لتصريحات السفير احمد ابو زيد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية وكانت مصر قد تسلمت بالفعل الشريحة الاولى بقيمة مليار يورو في ديسمبر الماضي مما مهد الطريق لهذا الدعم الجديد الذي يعتبر حيويا في المرحلة الراهنة

تفاصيل الحزمة الاوروبية الجديدة

تمثل هذه الشريحة البالغة اربعة مليارات يورو الجزء الاكبر من الدعم المالي المباشر الذي اقرته لجنة التجارة الدولية بالبرلمان الاوروبي مؤخرا لصالح مصر ياتي هذا القرار بعد اشهر من استلام الدفعة الاولى بقيمة مليار يورو والتي وجهت بشكل اساسي لدعم الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي المصري وتعزيز ميزان المدفوعات في خطوة اعتبرت ضرورية لتحقيق الاستقرار المالي العاجل ان موافقة لجنة التجارة تعد خطوة اساسية في مسار الحصول على التمويل كاملا وان كانت الخطوة النهائية تتمثل في التصويت داخل الجلسة العامة للبرلمان الاوروبي المتوقع قريبا

اهداف التمويل وتوجيهاته 

من المقرر ان يتم توجيه الجزء الاكبر من التمويل الجديد والبالغ اربعة مليارات يورو الى البنك المركزي المصري مباشرة يهدف ذلك الى دعم الموازنة العامة للدولة وتوفير سيولة دولارية للمساعدة في سداد الالتزامات الخارجية المستحقة يعتبر هذا الدعم حيويا لتخفيف الضغوط عن الموازنة وتمكين الحكومة من الوفاء بتعهداتها المالية الدولية والمحلية كما يساهم في تعزيز قدرة الدولة على تمويل مشاريعها التنموية وتلبية احتياجات المواطنين الاساسية في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية

استثمارات ومنح لقطاعات حيوية

لا يقتصر الدعم الاوروبي على التمويل المباشر للموازنة بل يشمل ايضا مكونا استثماريا ومنحا مخصصة لتطوير قطاعات رئيسية في الاقتصاد المصري تتوزع هذه المخصصات كالتالي

  • استثمارات بقيمة 18 مليار يورو لدفع عجلة النمو في مجالات واعدة

  • منح لا ترد بقيمة 600 مليون يورو لدعم مشاريع تنموية واجتماعية

تركز هذه الاستثمارات والمنح بشكل خاص على قطاعات مثل

  • الطاقة المتجددة لدعم تحول مصر نحو مستقبل طاقي مستدام ونظيف

  • تطوير البنية التحتية الاساسية لخدمة المواطنين ودعم الانشطة الاقتصادية المختلفة

  • الارتقاء بقطاع التعليم وتدريب الكوادر البشرية لتلبية متطلبات سوق العمل الحديث

  • دعم جهود مصر في ادارة ملف الهجرة والتعامل مع تدفقات اللاجئين بطريقة انسانية ومنظمة

الانعكاسات الاقتصادية المتوقعة

ينظر الخبراء والمحللون الاقتصاديون بايجابية الى هذه الحزمة التمويلية الاوروبية ويتوقعون ان تساهم بشكل ملموس في تخفيف حدة الضغوط الاقتصادية التي تواجهها مصر حاليا كما يتوقع ان يدعم التمويل استقرار سعر الصرف ويعزز من قدرة البنك المركزي على ادارة السياسة النقدية بفاعلية اكبر فضلا عن ذلك فان تحسين الوضع المالي للدولة قد يمكنها من توجيه موارد اكبر لتحسين الخدمات العامة المقدمة للمواطنين مثل الصحة والتعليم مما ينعكس ايجابا على مستوى المعيشة ويعزز الاستقرار الاجتماعي كل هذه العوامل مجتمعة من شانها تعزيز جاذبية مصر كوجهة للاستثمارات الاجنبية المباشرة التي تبحث عن بيئة اقتصادية مستقرة وواعدة تمتلك امكانات نمو كبيرة

الشراكة الاستراتيجية المصرية الاوروبية

ياتي هذا الدعم المالي في سياق اوسع للشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تم تدشينها بين مصر والاتحاد الاوروبي تعكس هذه الشراكة ادراكا لاهمية مصر كشريك محوري في منطقة الشرق الاوسط وجنوب المتوسط يسعى الطرفان من خلالها الى تعزيز التعاون في مجالات متعددة تشمل الاستقرار السياسي والاقتصادي والامن ومكافحة الارهاب وادارة الهجرة والطاقة والمناخ مما يخدم المصالح المشتركة للجانبين ويعزز مكانة مصر الاقليمية والدولية ويؤكد على عمق العلاقات التاريخية والمستقبلية بين مصر والقارة الاوروبية

في الختام يمثل استلام مصر المرتقب للشريحة الثانية من التمويل الاوروبي خطوة مهمة نحو تعزيز الاستقرار الاقتصادي ودفع جهود التنمية المستدامة تبقى الانظار معلقة على التصويت النهائي المرتقب في البرلمان الاوروبي خلال الاسابيع القادمة والذي سيفتح الباب رسميا امام وصول هذه الاموال الحيوية الى الخزانة المصرية لتبدا رحلة جديدة من التعاون المثمر بين مصر والاتحاد الاوروبي لدعم مسيرة التقدم والازدهار للشعب المصري