ابتكار يغير قواعد اللعبة بطارية هيدروجيل مرنة تشفي نفسها
في خطوة علمية فارقة أعلن فريق من الباحثين عن تطوير نوع جديد ومبتكر من البطاريات يعتمد على مادة الهيدروجيل يتميز هذا الابتكار بقدرات فريدة تجعله مرشحا بقوة لتغيير مشهد الإلكترونيات الاستهلاكية والمتقدمة فالبطارية الجديدة ليست فقط مرنة وقابلة للتمدد بل تمتلك خاصية مذهلة وهي الشفاء الذاتي عند تعرضها للضرر علاوة على ذلك تم تصميمها لتكون خالية تماما من المواد السامة الشائعة في البطاريات التقليدية وتتغلب على مشكلة تأثر الأداء بالرطوبة التي طالما شكلت تحديا كبيرا
وداعا لمخاطر البطاريات التقليدية وحرائق الليثيوم
لطالما ارتبطت بطاريات الليثيوم أيون المستخدمة على نطاق واسع اليوم بمجموعة من التحديات والمخاطر فتسرب الرطوبة يمكن أن يؤدي إلى تدهور كبير في أدائها وكفاءتها بمرور الوقت والأخطر من ذلك هو احتواؤها على إلكتروليتات سائلة قابلة للاشتعال وسامة مما يثير مخاوف تتعلق بالسلامة خاصة عند تعرض البطارية للتلف أو ظروف التشغيل القاسية لكن الدراسة الحديثة المنشورة في مجلة ساينس أدفانسز المرموقة بتاريخ التاسع من أبريل قدمت حلا جذريا من خلال تطوير إلكتروليت جديد يعتمد على الهيدروجيل وخال تماما من مادة الفلور السامة هذا التصميم المبتكر لا يقلل فقط من مخاطر الاشتعال والتسمم بل يجعله خيارا أكثر استدامة وأمانا للبيئة وللمستخدمين
اختبارات التحمل القاسية تكشف عن قوة استثنائية
لم يكتف العلماء بتطوير البطارية بل أخضعوها لسلسلة من الاختبارات الصارمة التي وصفت بأنها أشبه بعمليات تعذيب ممنهجة للتحقق من مدى صلابتها وقدرتها على التحمل تم تعريض بطارية الهيدروجيل لظروف بيئية قاسية شملت درجات حرارة مرتفعة ورطوبة عالية جدا كما تم اختبار متانتها الميكانيكية بتعريضها للقطع المتعمد بأدوات حادة والطعن وحتى الالتواء والشد بشكل عنيف والمفاجئ كانت النتيجة مذهلة حيث أثبتت البطارية قدرتها على مواصلة العمل بكفاءة واستقرار ملحوظين لأكثر من خمسمئة دورة شحن وتفريغ كاملة على مدار شهر كامل وكل ذلك دون الحاجة إلى أي غلاف خارجي صلب أو أنظمة حماية إضافية مما يبرز تفوقها في المتانة والمرونة
طاقة أقل ولكن مرونة أكبر مفتاح الإلكترونيات القادمة
صحيح أن بطاريات الليثيوم أيون الحالية لا تزال تتفوق من حيث كثافة الطاقة المخزنة حيث تتراوح قدرتها التخزينية عادة بين 200 و 300 واط ساعة لكل كيلوجرام بينما تقدم بطارية الهيدروجيل الجديدة كثافة طاقة تتراوح بين 50 و 150 واط ساعة لكل كيلوجرام ومع ذلك فإن هذا الفارق في كثافة الطاقة لا يقلل من أهمية بطارية الهيدروجيل بل يجعلها الاختيار الأمثل لمجموعة واسعة من التطبيقات التي تتطلب خصائص أخرى أكثر أهمية من مجرد تخزين كمية كبيرة من الطاقة فالمرونة الفائقة والقدرة على التمدد والشفاء الذاتي والأمان العالي تجعلها مثالية تماما لعصر الإلكترونيات المرنة والقابلة للارتداء الذكاء الاصناعي
تطبيقات واعدة تلامس حياتنا اليومية والمستقبلية
تفتح الخصائص الفريدة لبطارية الهيدروجيل الباب أمام مجموعة واسعة من التطبيقات المبتكرة التي قد تغير طريقة تفاعلنا مع التكنولوجيا ومن أبرز هذه التطبيقات المحتملة
-
الأجهزة القابلة للارتداء: مثل أجهزة تتبع اللياقة البدنية والساعات الذكية التي تحتاج إلى بطاريات مرنة تتكيف مع حركة الجسم
-
المستشعرات الطبية الحيوية: تطوير مستشعرات طبية مرنة يمكن ارتداؤها على الجلد أو حتى زرعها لمراقبة المؤشرات الصحية بشكل مستمر ودقيق
-
الملابس الذكية: دمج البطاريات مباشرة في نسيج الملابس لتشغيل المستشعرات المدمجة أو أنظمة الإضاءة دون التأثير على راحة المرتدي
-
الشاشات المرنة والقابلة للطي: توفير مصدر طاقة آمن ومرن للأجيال القادمة من الهواتف والأجهزة اللوحية ذات الشاشات القابلة للطي أو اللف
قدرات مذهلة تتخطى المألوف من الفضاء إلى أعماق البحار
لا تقتصر إمكانيات بطارية الهيدروجيل على الإلكترونيات الاستهلاكية بل تمتد لتشمل قطاعات متقدمة تتطلب أعلى درجات الموثوقية والتحمل فهي تعد خيارا مثاليا للتطبيقات في مجال استكشاف الفضاء حيث تتعرض الأجهزة لظروف قاسية من الإشعاع ودرجات الحرارة المتقلبة كما أنها مناسبة تماما للروبوتات العاملة تحت الماء التي تحتاج إلى بطاريات مرنة ومقاومة للضغط والرطوبة العالية السر وراء قدرتها على الشفاء الذاتي يكمن في المزيج المبتكر بين الهيدروجيل والإلكتروليت ومادة الإيلاستومر (المطاط الصناعي) ذاتية الشفاء مما يسمح للبطارية باستعادة ما يقرب من تسعين بالمئة من سعتها الأصلية حتى بعد تعرضها للتمزق أو القطع
بطارية الهيدروجيل ليست مجرد طاقة بل مستقبل أخضر وآمن
يمثل تطوير بطارية الهيدروجيل ذاتية الشفاء نقلة نوعية حقيقية في عالم تقنيات تخزين الطاقة فهي تقدم حلا يتجاوز مجرد توفير الطاقة للأجهزة الإلكترونية إنها تمثل نموذجا للجيل القادم من البطاريات التي تجمع بين الكفاءة العالية والأمان المطلق والصداقة للبيئة بقدرتها على العمل تحت أقسى الظروف وقدرتها الفريدة على إصلاح نفسها تبدو بطارية الهيدروجيل مرشحة بقوة لتصبح العمود الفقري الذي ستقوم عليه ثورة الإلكترونيات الذكية والمرنة في المستقبل القريب
يمكنك أن تقرأ أيضًا: