الروبوتات الصناعية تغزو المصانع حول العالم بوتيرة متسارعة فمن خطوط تجميع السيارات المعقدة إلى منشآت تجهيز الأغذية الدقيقة أصبحت الأتمتة هي السمة الغالبة على عمليات التصنيع الحديثة وشهد عام 2023 رقما قياسيا جديدا بتركيب أكثر من 540 ألف روبوت صناعي جديد ليتجاوز بذلك إجمالي عدد الروبوتات العاملة في العالم حاجز الأربعة ملايين للمرة الأولى في التاريخ ويشير هذا التوسع الكبير إلى تحول عميق في كيفية إنتاج السلع وتصميم العمليات الصناعية

المشهد العالمي للروبوتات الصناعية

تهيمن قارة آسيا بشكل واضح على خريطة تركيب الروبوتات الصناعية الجديدة حيث استحوذت وحدها على نسبة ضخمة بلغت 70 بالمئة من إجمالي التركيبات لعام 2023 وتأتي أوروبا في المرتبة الثانية بنسبة 17 بالمئة تليها الأمريكتان بنسبة 10 بالمئة ما يعكس تباينا جغرافيا واضحا في تبني هذه التقنيات المتقدمة وتعتبر هذه الأرقام دليلا قاطعا على أن مراكز التصنيع الآسيوية تتبنى الأتمتة بشكل أسرع وأوسع نطاقا مقارنة ببقية العالم مدفوعة بالحاجة إلى زيادة الكفاءة والقدرة التنافسية

الهند تتصدر سباق النمو في تركيب الروبوتات

بينما سجلت تركيبات الروبوتات الصناعية العالمية نموا بمعدل 10 بالمئة خلال عام 2023 برزت الهند بشكل لافت متجاوزة هذا المتوسط العالمي بنحو ستة أضعاف ويعود الفضل الأكبر في هذا النمو الهائل إلى قطاع السيارات الهندي الذي شهد ازدهارا بنسبة 139 بالمئة في تركيب الروبوتات خلال العام وأضاف هذا القطاع وحده 3551 روبوتا جديدا أي ما يعادل 42 بالمئة من إجمالي الروبوتات الجديدة التي تم تركيبها في البلاد مما يؤكد الدور المحوري لصناعة السيارات في دفع عجلة الأتمتة الهندية وتعتبر هذه القفزة الهندية مؤشرا على الطموحات الصناعية الكبيرة للبلاد ورغبتها في تحديث بنيتها التحتية الإنتاجية

المملكة المتحدة تحقق قفزة ملحوظة

لم تكن الهند وحدها في ميدان النمو السريع فقد حققت المملكة المتحدة أيضا زيادة كبيرة بنسبة 51 بالمئة في تركيبات الروبوتات الصناعية خلال 2023 وبهذه الزيادة وصل إجمالي عدد الوحدات الجديدة المضافة إلى 3083 وحدة ورغم أن هذا الرقم لا يزال أقل مقارنة بدول مثل كندا وإسبانيا والمكسيك إلا أنه يشير إلى توجه بريطاني متزايد نحو الأتمتة ومن الأمثلة البارزة على ذلك شركة غرينكور وهي أكبر مصنع للشطائر في المملكة المتحدة حيث تستثمر الشركة 25 مليون دولار سنويا في الروبوتات الصناعية وتفيد التقارير بأن هذه الآلات توفر للشركة حوالي 350 ساعة عمل أسبوعيا في عمليات مثل تحضير السوشي وهذا يظهر كيف يمكن للروبوتات تحسين الإنتاجية حتى في قطاعات غير تقليدية مثل الأغذية الجاهزة

توجهات الأتمتة في الولايات المتحدة

في الولايات المتحدة الأمريكية بلغ عدد الروبوتات الصناعية الجديدة التي تم تركيبها 37587 وحدة ورغم هذا الرقم الكبير إلا أنه يمثل انخفاضا طفيفا بنسبة 5 بالمئة مقارنة بالعام السابق ولا تزال صناعة السيارات هي المحرك الرئيسي لتبني الروبوتات في أمريكا حيث استحوذت على حوالي ثلث التركيبات الجديدة وتعتبر جنرال موتورز مثالا حيا على ذلك باستخدامها روبوتات تعاونية متطورة تساعد العمال في حمل الأدوات على خطوط التجميع مما يعزز الكفاءة والسلامة ورغم الانخفاض الطفيف تظل الولايات المتحدة لاعبا رئيسيا في سوق الروبوتات الصناعية العالمية مع استمرار الاستثمار في التقنيات المتقدمة لتعزيز قدراتها التصنيعية

عمالقة التركيب قائمة بأكثر 5 دول

عندما ننظر إلى العدد الإجمالي للروبوتات الصناعية الجديدة التي تم تركيبها في عام 2023 نجد أن الصورة تختلف قليلا عن معدلات النمو وتتصدر الصين القائمة بفارق هائل عن أقرب منافسيها مما يعكس حجم قاعدتها الصناعية الضخمة وفيما يلي قائمة بالدول الخمس الأولى من حيث عدد التركيبات الجديدة وفقا لبيانات الاتحاد الدولي للروبوتات وتقرير مؤشر الذكاء الاصطناعي لعام 2025

  • الصين 276 ألف روبوت 

  • اليابان 46 ألف روبوت

  • الولايات المتحدة 38 ألف روبوت

  • كوريا الجنوبية 31 ألف روبوت

  • ألمانيا 28 ألف روبوت

نظرة مستقبلية ومختصرة

يتضح من هذه الأرقام أن ثورة الروبوتات الصناعية تمضي قدما بلا هوادة مع تزايد الاعتماد عليها لتعزيز الإنتاجية وخفض التكاليف وتحسين جودة المنتجات وبينما تقود دول مثل الصين واليابان والولايات المتحدة الطريق من حيث الأعداد المطلقة فإن دولا مثل الهند والمملكة المتحدة تظهر زخما قويا في معدلات النمو مما يبشر بمستقبل صناعي أكثر أتمتة وذكاء حول العالم ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وقدرات الروبوتات مما يفتح آفاقا جديدة للابتكار في قطاع التصنيع العالمي