في المشهد الرقمي الواسع الذي نعيشه اليوم تفرض أعلى شركات التكنولوجيا العملاقة أو ما يعرف بالميغاكاب هيمنتها بشكل واضح على تدفقات حركة المرور عبر الإنترنت وتحدد بشكل كبير وجهات تصفح المستخدمين حول العالم هذه الهيمنة لا تقتصر فقط على جذب مليارات الزيارات شهريا بل تمتد إلى تحويل هذا الاهتمام الرقمي الهائل إلى أرباح طائلة غالبا من خلال عائدات الإعلانات الموجهة ولكن يبقى السؤال المحوري كيف يتم توزيع وقت المستخدمين فعليا عبر هذه المنصات الضخمة وما هي المواقع التي تنجح في الإبقاء على المستخدم لأطول فترة ممكنة خلال الزيارة الواحدة في هذا التقرير الإخباري نسلط الضوء استنادا إلى بيانات حديثة وموثوقة من Similarweb على المواقع التي تتصدر المشهد العالمي من حيث متوسط مدة الزيارة وهو مقياس يكشف الكثير عن مدى جاذبية المحتوى وتفاعل أعلى المستخدمين

يوتيوب وX يتصدران قائمة المواقع الأكثر بقاء للمستخدمين 

تظهر بيانات Similarweb تفوقا لافتا لمنصتين تحديدًا عندما يتعلق الأمر بالوقت الذي يقضيه المستخدمون داخل الموقع خلال كل زيارة وهما يوتيوب ومنصة X المعروفة سابقا باسم تويتر
يتربع يوتيوب عملاق محتوى الفيديو العالمي على عرش هذه القائمة بفارق ملحوظ حيث يبلغ متوسط الوقت الذي يقضيه المستخدم في كل زيارة حوالي عشرين دقيقة وسبع وأربعين ثانية هذا الرقم يعكس الطبيعة الجذابة لمحتوى الفيديو وقدرة المنصة على شد انتباه المشاهدين لفترات طويلة سواء عبر مقاطع ترفيهية تعليمية أو إخبارية
في المرتبة الثانية تأتي منصة X للتواصل الاجتماعي حيث يصل متوسط مدة الزيارة إلى اثنتي عشرة دقيقة وسبع وثلاثين ثانية ورغم التغييرات التي مرت بها المنصة إلا أنها لا تزال تحتفظ بقدرتها على إبقاء المستخدمين منخرطين في التفاعل وقراءة التحديثات والمشاركة في النقاشات لفترة زمنية معتبرة

جوجل ملك الزيارات بلا منازع لكن الوقت المقضي أقل

لا يزال محرك البحث جوجل العملاق الذي لا غنى عنه يحتفظ بالمركز الأول عالميا من حيث عدد الزيارات الشهرية الإجمالية فهو الوجهة الأولى لمليارات عمليات البحث يوميا ومع ذلك عندما ننظر إلى مقياس متوسط مدة الزيارة نجد أن المستخدمين يقضون وقتا أقصر نسبيا على جوجل مقارنة بمنصات المحتوى والتواصل حيث يبلغ المتوسط عشر دقائق وسبع وأربعين ثانية فقط هذا الأمر منطقي إلى حد كبير فطبيعة استخدام جوجل غالبا ما تكون سريعة وموجهة نحو إيجاد معلومة محددة أو رابط معين والانتقال منه سريعا
ورغم قصر مدة الزيارة على جوجل إلا أنها تتفوق على منصة فيسبوك التي يسجل مستخدموها متوسط بقاء يبلغ عشر دقائق وتسع وخمسين ثانية أي أن فيسبوك يحتفظ بالمستخدم لوقت أطول قليلا من جوجل في الزيارة الواحدة لكنه يبقى أقل بكثير من يوتيوب وX في هذا المؤشر

منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة الفورية ضمن المنافسة

لا تقتصر المنافسة على جذب وقت المستخدمين على المنصات الكبرى المذكورة سابقا بل تشمل أيضا منصات تواصل اجتماعي وتطبيقات مراسلة تحظى بشعبية جارفة وتلعب دورا مهما في معادلة الوقت الرقمي ومن أبرزها

  • إنستغرام منصة الصور ومقاطع الفيديو القصيرة الشهيرة تسجل متوسط مدة زيارة يبلغ ثماني دقائق وإحدى وأربعين ثانية مما يعكس طبيعة التصفح السريع للمحتوى البصري

  • واتساب تطبيق المراسلة الأكثر استخداما في العالم يحقق رقما لافتا في متوسط مدة الزيارة يصل إلى اثنتي عشرة دقيقة وست وعشرين ثانية وهو رقم قريب جدا من منصة X ويعكس الاستخدام المكثف للتطبيق في التواصل المستمر والمحادثات الطويلة

هذه الأرقام تظهر أن شعبية التطبيق لا تعني بالضرورة قضاء وقت أطول في كل زيارة مقارنة بالمنصات التي تقدم محتوى أعمق أو أكثر استهلاكا للوقت مثل الفيديو الطويل على يوتيوب

ChatGPT نجم صاعد يغير قواعد اللعبة في عالم الويب

من بين التطورات الأكثر إثارة للاهتمام في الآونة الأخيرة هو الصعود المذهل لأداة الذكاء الاصطناعي ChatGPT التي طورتها شركة OpenAI حيث لم تعد مجرد أداة تقنية بل أصبحت وجهة رئيسية على الإنترنت تحتل الآن المركز السابع عالميا ضمن قائمة المواقع الأكثر زيارة وهو إنجاز استثنائي لمنصة حديثة نسبيا
الأرقام تتحدث عن نفسها ففي يناير 2025 وحده سجل موقع ChatGPT زيارات شهرية بلغت 47 مليار زيارة كما تشير التقديرات إلى إجراء ما يقرب من مليار استعلام أو طلب يوميا على المنصة أما متوسط الوقت الذي يقضيه المستخدم في التفاعل مع هذا الروبوت الذكي فيبلغ ست دقائق وسبع ثواني لكل زيارة وهو وقت معتبر نظرا لطبيعة الاستخدام التي غالبا ما تكون موجهة نحو الحصول على إجابات أو إنجاز مهام محددة مما يشير إلى عمق التفاعل الذي يحققه

نظرة ختامية نحو مستقبل تصفح الإنترنت

تؤكد هذه البيانات استمرار سيطرة المنصات الكبرى مثل يوتيوب وX على مقياس مهم وهو مدة بقاء المستخدمين مما يعكس التأثير العميق لهذه المواقع على سلوكياتنا الرقمية وحياتنا اليومية إن قضاء وقت أطول يعني فرصا أكبر لعرض الإعلانات وجمع البيانات وزيادة التأثير الثقافي والاجتماعي
في الوقت نفسه يبرهن الصعود السريع لمنصة مثل ChatGPT أن مشهد الإنترنت ليس ثابتا بل هو ساحة ديناميكية تشهد تغييرات مستمرة وظهور لاعبين جدد قادرين على إعادة تشكيل موازين القوى وتغيير عادات التصفح إن المنافسة على وقت المستخدم واهتمامه ستظل المحرك الأساسي للابتكار والتطوير في عالم الويب خلال السنوات القادمة ونحن بانتظار المزيد من البيانات والتحديثات التي سترسم لنا صورة أوضح لمستقبل هذه المنصات وكيف سيتغير تفاعلنا معها