ما الجديد في تحديث GPT-4o الأخير من  OpenAI؟ في خطوة تعكس وتيرة التطور المتسارعة في عالم الذكاء الاصطناعي، أعلنت شركة OpenAI عن إطلاق تحديث جديد ومُحسّن لنموذجها الرائد GPT-4o. يأتي هذا التحديث بعد فترة وجيزة نسبيًا من الإصدار الأولي للنموذج في مايو الماضي، وبعد تحديث آخر طفيف في مارس، مما يؤكد التزام الشركة المستمر بتحسين قدرات نماذجها وتقديم تجربة أفضل للمستخدمين.

تحديث GPT-4o الجديد من OpenAI

أكد سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، خبر التحديث عبر منشور مقتضب ولكنه مؤثر على منصة "إكس" (تويتر سابقًا) يوم الجمعة الماضي، حيث قال: "حدثنا GPT-4o اليوم! حسّنا كل من الذكاء والشخصية". يشير هذا التصريح إلى أن التحسينات لا تقتصر فقط على القدرات الحسابية أو المعرفية الأساسية للنموذج، بل تمتد لتشمل جوانب أكثر دقة تتعلق بكيفية تفاعل النموذج و "طباعه" أو "شخصيته" المتصورة.

وفقًا للتقارير، ومنها ما نشره موقع "Neowin" المتخصص، تزعم OpenAI أن النسخة المحدثة من GPT-4o تُظهر الآن "طاقة وتنسيقًا واستجابةً أفضل لاحتياجات المستخدم"، بالإضافة إلى تحسينات نوعية أخرى غير محددة بدقة. هذه المصطلحات – "طاقة"، "تنسيق"، "شخصية" – تبتعد قليلًا عن لغة قياس الأداء التقليدية، وتشير إلى اهتمام متزايد بالجوانب التفاعلية والتجريبية للذكاء الاصطناعي.

التوفر الحالي والقيود

من المهم ملاحظة أن هذا الإصدار المُحسّن من GPT-4o متاح حاليًا بشكل حصري للمستخدمين عبر واجهة روبوت الدردشة الشهير "شات جي بي تي" (ChatGPT). لم يتم بعد طرح هذه التحسينات للمطورين والمبرمجين عبر واجهة برمجة التطبيقات (API). يعني هذا أن الشركات والمطورين الذين يعتمدون على GPT-4o لبناء تطبيقاتهم وخدماتهم الخاصة سيحتاجون إلى الانتظار لفترة غير محددة للاستفادة من هذه التحسينات الأخيرة. يثير هذا التباين في التوفر تساؤلات حول استراتيجية النشر لدى OpenAI وإعطاء الأولوية الواضحة لتجربة المستخدم النهائي المباشرة عبر ChatGPT.

تحدي القياس: ما وراء معايير الأداء التقليدية

أحد الجوانب اللافتة في هذا التحديث هو اعتراف OpenAI بعدم مشاركة معايير أداء (benchmarks) مُحدثة لهذا الإصدار. السبب المُعلن هو صعوبة قياس التحسينات المُدخلة كميًا، خاصة تلك المتعلقة بـ "الطاقة" و "الشخصية". بينما تقيس معايير الأداء التقليدية جوانب مثل سرعة الاستجابة، ودقة المعلومات، والقدرة على حل المشكلات المنطقية أو الرياضية، فإن التحسينات النوعية التي تركز عليها OpenAI في هذا التحديث تتعلق بشكل أكبر بـ "كيف" يستجيب النموذج وليس فقط "ماذا" يقول.

يشير هذا التوجه إلى تحول محتمل في تركيز الصناعة، أو على الأقل تركيز OpenAI، من مجرد السعي وراء أرقام أداء أعلى في الاختبارات القياسية، إلى الاهتمام المتزايد بجعل التفاعل مع الذكاء الاصطناعي أكثر سلاسة وطبيعية وجاذبية للمستخدم. إن تحسين "الطاقة" قد يعني استجابات أكثر حيوية وأقل رتابة، بينما تحسين "الشخصية" قد يشير إلى قدرة أفضل على التكيف مع أسلوب المستخدم ونبرة الحديث.

وتيرة تطوير متسارعة لشات جي بي تي

أضاف أيدان ماكلولين، الذي يعمل ضمن فرق تصميم نماذج الذكاء الاصطناعي وقدراتها في OpenAI، بُعدًا آخر لهذا التحديث بتغريدة أشار فيها إلى أن هذا هو "أسرع تحديث تُطلقه الشركة على الإطلاق لسلسلة نماذج 4o الرئيسية". هذه المعلومة تدل على تسارع كبير في وتيرة التطوير والإصدار داخل OpenAI. قد يعكس هذا قدرة الشركة المتزايدة على التكرار والتحسين بسرعة، أو ربما استجابة سريعة لملاحظات المستخدمين، أو حتى ضغوطًا تنافسية في سوق الذكاء الاصطناعي المحتدم.

خاتمة: نحو مستقبل تفاعلي للذكاء الاصطناعي

يمثل التحديث الأخير لنموذج GPT-4o خطوة مهمة، ليس فقط بسبب التحسينات المعلنة في الذكاء والشخصية، ولكن أيضًا بسبب ما يكشفه عن استراتيجية OpenAI ورؤيتها لمستقبل التفاعل بين الإنسان والآلة. التركيز على الجوانب النوعية وتجربة المستخدم، إلى جانب وتيرة التطوير المتسارعة، يشير إلى أننا قد نشهد تحولات كبيرة في كيفية إدراكنا وتفاعلنا مع الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب، حيث يصبح الهدف ليس فقط آلة قادرة على الإجابة، بل رفيق رقمي أكثر تفاعلية واستجابة. يبقى أن نرى كيف ستترجم هذه التحسينات النوعية إلى تجربة ملموسة للمستخدمين ومتى ستتاح القدرات الجديدة للمطورين عبر الـ API.