يشكل التغير المناخي تحديًا عالميًا حادًا يهدد الأمن الغذائي عبر التسبب في ارتفاع درجات الحرارة بشكل مستمر وتغير أنماط هطول الأمطار وزيادة حدة الظواهر الجوية المتطرفة كالعواصف والجفاف، ويؤدي ذلك إلى تراجع المساحات الزراعية الصالحة للزراعة بفعل شح المياه وارتفاع مستوى سطح البحر وتملح التربة، الأمر الذي يفاقم الضغط على الموارد الغذائية المتوفرة ويزيد من حدة التوتر بين الدول التي تتنافس على الغذاء مع نمو سكاني سريع.

 

أبرز أسباب الاحترار العالمي


ترجع أسباب التغير المناخي بشكل رئيسي إلى ارتفاع انبعاث غازات الاحتباس الحراري نتيجة حرق الوقود الأحفوري كالنّفط والفحم والغاز الطبيعي، بالإضافة إلى إزالة الغابات بشكل واسع لتعزيز التصنيع والزراعة المكثفة مما يقلل من قدرة الغطاء النباتي على امتصاص ثاني أكسيد الكربون، كما يساهم تزايد الانبعاثات الصناعية والزراعية والإفراط في استخدام الأسمدة الكيميائية في تفاقم ظاهرة الاحترار وانعكاساتها السلبية على البيئة.

 

تأثير المناخ على الإنتاج الزراعي


يتجلى تأثير التغير المناخي على الإنتاج الزراعي من خلال تفاوت درجات الحرارة وتذبذب موسم الأمطار وزيادة انتشار الآفات والأمراض النباتية، وهو ما يؤدي إلى انخفاض محصول الحبوب كالأرز والقمح والذرة بنسب متفاوتة في المناطق المعتدلة والاستوائية، كما تزداد الحاجة إلى المياه لري المزروعات مما يعرض المزارعين لمخاطر نقص الموارد المائية ويجعلهم في مواجهة معضلات تتطلب حلولًا تقنية وزراعية سريعة.

 

ضغوط على الموارد المائية


تتعرض الموارد المائية لضغوط متزايدة جراء التغير المناخي الذي يسبب تقلص الأنهار والبحيرات والجفاف الطويل الأمد في بعض المناطق، مما يؤثر على توفر المياه الصالحة للشرب واستخدامها في الزراعة والصناعة، ويؤدي انهيار أنظمة الري التقليدية إلى هدر كميات كبيرة من المياه مع ازدياد التبخر وذوبان الأنهار الجليدية، وهو ما ينعكس سلبًا على قدرة الدول على ضمان استدامة إنتاج الغذاء.

 

تداعيات على الأمن الغذائي


ينعكس شح الغذاء على زيادة أسعار المواد الغذائية الأساسية وإضعاف القدرة الشرائية للأسر خصوصًا في الدول الفقيرة التي تعتمد إلى حد كبير على الاستيراد، الأمر الذي يؤدي إلى تفشي ظاهرة سوء التغذية وفقر الدم بين الأطفال والنساء الحوامل، كما تزداد الهجرة القسرية من المناطق الأكثر تضررًا بحثًا عن فرص غذائية وأنماط عيش أكثر استقرارًا مما يضيق المجال أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

 

استراتيجيات التكيف والمرونة


للتكيف مع التغير المناخي وتعزيز الأمن الغذائي تتجه الدول إلى تبني ممارسات الزراعة المستدامة كأنظمة الري بالتنقيط واستخدام أصناف محاصيل متحملة للجفاف، إضافة إلى تطوير تقنيات الزراعة الدقيقة باستخدام الاستشعار عن بُعد والذكاء الاصطناعي لرصد المناخ وتوجيه الموارد بكفاءة، وتشمل الاستراتيجيات تعزيز السياسات الداعمة للمزارعين وتوسيع برامج الحماية الاجتماعية وتأمين البذور المقاومة للتقلبات المناخية مع الاستثمار في البحوث الزراعية وتبادل الخبرات عبر التعاون الدولي.