شهدت الدول العربية خلال السنوات الأخيرة انتشار ملحوظًا في أعداد السيارات الكهربائية التي دخلت الطرق، حيث أطلقت حكومات عدة حوافز مثل الإعفاءات الضريبية وتخفيض رسوم الاستيراد لدعم انتشار هذه التقنية، وتظهر الإحصائيات أن مبيعات السيارات الكهربائية ارتفعت بنسبة تجاوزت 150 بالمئة في بعض الدول الخليجية خلال عام 2024، مما يعكس تنامي وعي المستهلكين بأهمية الوقود النظيف وخفض الانبعاثات.
البنية التحتية ومحطات الشحن
تعتبر محطات الشحن من أهم عناصر نجاح تبني السيارات الكهربائية، لذا شهدت المدن الكبرى مثل أبوظبي والرياض ودبي انتشار مشاريع لتحسين شبكة الشحن التي باتت تضم أكثر من 200 محطة موزعة بين الشواحن السريعة والاعتيادية، كما بدأت شركات الطاقة في التعاون مع القطاع الخاص لتوسيع هذه الشبكة وصولاً إلى الطرق السريعة والمراكز التجارية والأحياء السكنية، ما يسهم في تقليل القلق من نفاد البطارية أثناء الرحلات الطويلة.
التحديات التقنية واللوجستية
رغم التقدم يواجه سوق السيارات الكهربائية عدة تحديات أبرزها ارتفاع تكلفة البطاريات والإجراءات التنظيمية غير المتسقة بين الدول، كما تعاني بعض المناطق من انقطاع الكهرباء المتكرر مما يؤثر على جدوى الشحن المنزلي، إضافة إلى محدودية خيارات الطرز المتاحة في الأسواق المحلية مقارنة بالسيارات التقليدية، وتتطلب هذه التحديات وضع استراتيجية شاملة تشمل تطوير الصناعات المحلية للبطاريات ووضع معايير موحدة للبنية التحتية.
التأثير البيئي والاقتصادي
يسهم التحول إلى السيارات الكهربائية في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتحسين جودة الهواء في المدن المكتظة، كما يخفف الاعتماد على واردات الوقود الأحفوري ويدعم التنويع الاقتصادي عبر جذب الاستثمارات في قطاع تصنيع المركبات الكهربائية والبطاريات، وتشير الدراسات إلى أن خفض استهلاك البنزين بمقدار 10 بالمئة يمكن أن يوفر مليارات الدولارات سنويًا على الموازنة العامة للدول التي تستورد الوقود بكثافة.
دور القطاع الخاص والمبادرات الحكومية
أطلقت بعض الحكومات مبادرات وطنية تشمل دعم البحث والتطوير في مجال المركبات الكهربائية ومراكز صيانة متخصصة، في حين دخل القطاع الخاص بمشاريع شراكة مع شركات عالمية لتجميع السيارات الكهربائية محليًا، كما شهدت المعارض الاقتصادية إبرام اتفاقيات لتصنيع مكونات البطاريات وتوطين التكنولوجيا، ويعتبر التنسيق بين الجهات الحكومية والمستثمرين الجوهر في ضمان تحول مستدام نحو نقل نظيف.
آفاق المستقبل وخطوات التوسع
يتوقع الخبراء أن يرتفع عدد السيارات الكهربائية في العالم العربي إلى أكثر من 3 ملايين سيارة بحلول عام 2030 في حال استمرار الدعم الحكومي وتوسع شبكة الشحن، كما سيؤدي التوسع في إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح إلى تعزيز جاذبية السيارات الكهربائية، ويعد إطلاق مبادرات تدريبية لتأهيل الكوادر المتخصصة في صيانة هذه المركبات عاملًا أساسيًا لضمان استدامة هذا التحول التقني والاقتصادي.