شهد اجتماع لجنة الإسكان بمجلس النواب اليوم حالة تحفظات من الجدل والنقاش الواسع بشأن مشروع تعديل قانون الإيجار القديم، حيث أبدت السفيرة مشيرة خطاب، رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان، تحفظها على التوقيت الذي تم فيه طرح مشروع القانون.
وأكدت خلال الجلسة أن هناك قضايا أكثر إلحاحًا من شأنها أن تحظى بالأولوية، متسائلة عن سبب تحرك الحكومة في هذا الملف في هذه المرحلة تحديدًا.
تحفظ خطاب يأتي في وقت يتنامى فيه الجدل المجتمعي والبرلماني حول الإيجار القديم، خاصة في ظل تشابك مصالح الملاك والمستأجرين على حد سواء، وغياب حل توافقي يرضي كافة الأطراف.
وأشارت السفيرة إلى ضرورة دراسة التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للتعديلات المقترحة قبل المضي قدمًا في اتخاذ أي قرارات تشريعية قد يكون لها أثر مباشر على ملايين المواطنين.
من جانبه، أوضح المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والتواصل السياسي، أن الحكومة لم تتحرك بشكل مفاجئ بل جاءت مبادرتها استنادًا إلى حكم المحكمة الدستورية العليا، والذي صدر قبل عدة أشهر، حيث ألزم البرلمان بإعادة النظر في العلاقة الإيجارية بسبب عدم دستورية ثبات الأجرة، وهو ما دفع الحكومة للتحرك لضبط هذه العلاقة، مشيرًا إلى أن الحكومة تتبع مسارًا مدروسًا يشمل إشراك الخبراء والمجتمع المدني في جلسات الحوار المجتمعي التي تعقدها اللجنة البرلمانية المختصة.
وأكد فوزي أن القيمة الإيجارية الثابتة عبر سنوات طويلة أصبحت غير منطقية في ظل التغيرات الاقتصادية التي شهدتها مصر خلال العقود الأخيرة، الأمر الذي تسبب في تآكل تحفظات حقوق الملاك وتجميد العائد الاستثماري للوحدات السكنية المؤجرة، وهو ما استدعى ضرورة التدخل لإعادة التوازن بين الطرفين في العلاقة الإيجارية.
وفي سياق متصل، أعرب النائب إيهاب الطماوي، وكيل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، عن حرص اللجنة على الفصل بين أنواع عقود الإيجار، موضحًا أن العقود المبرمة بعد 30 يناير 1996، والتي تندرج تحت ما يُعرف بالإيجار الجديد، لا تشملها التعديلات المطروحة حاليًا، ولن تكون محل نقاش داخل المجلس في هذا السياق.
وأكد أن النقاش يقتصر فقط على عقود الإيجار القديمة التي ما زالت قائمة بقيم إيجارية رمزية لا تتناسب مع الواقع الحالي.
ووجه المستشار فوزي الشكر إلى الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لدوره الحيوي في توفير البيانات والمعلومات الدقيقة المتعلقة بعدد الوحدات السكنية الخاضعة لنظام الإيجار القديم، والتي بلغت بحسب التقارير الرسمية نحو 3 ملايين و19 ألف وحدة، مشددًا على أهمية هذه المعلومات في دعم جهود التشريع واتخاذ قرارات قائمة على أسس علمية وإحصائية دقيقة.
تبقى أزمة الإيجار القديم واحدة من أكثر الملفات الشائكة التي تواجهها الدولة، حيث يتطلب التعامل معها قدرًا كبيرًا من التوازن والدقة لحماية حقوق كل من الملاك والمستأجرين، والحفاظ في الوقت ذاته على السلم الاجتماعي.