في مشهد يعكس عمق الارتباط الروحي والوجداني بمصر، تواصل طائفة البهرة، ذات الجذور الهندية، جهودها في ترميم وتجديد مقامات آل البيت والمساجد التاريخية في القاهرة، مساهمةً بذلك في الحفاظ على التراث الإسلامي واستعادة رونقه.

 

تأتي هذه الأعمال انطلاقًا من رؤية الطائفة لقيمة هذه المقامات لدى ملايين المصريين، وتقديرًا لما تمثله من رمزية دينية وثقافية.

 

تمتد علاقة طائفة البهرة بمصر لعقود، لكنها شهدت نشاطًا متزايدًا خلال السنوات الأخيرة، بفضل التعاون المثمر بين الطائفة وصندوق "تحيا مصر"، الذي سهل تنفيذ عدد من مشروعات الترميم الكبرى في مناطق تاريخية بالقاهرة الفاطمية، ومنها مساجد ومقامات تنتمي إلى آل بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

 

وتعد هذه المبادرات امتدادًا لنهج الطائفة في دعم الحفاظ على التراث الإسلامي، بما يعكس تقديرها العميق لتاريخ مصر ومكانتها الدينية.

 

يتزعم هذه الجهود سلطان طائفة البهرة، مفضل سيف الدين، الذي يحظى باحترام واسع داخل مصر وخارجها.

 

ويحرص السلطان على زيارة القاهرة بانتظام لمتابعة سير المشروعات بنفسه، ويلتقي خلال تلك الزيارات بالرئيس عبدالفتاح السيسي، في إطار العلاقات الودية التي تجمع بين القيادة المصرية والطائفة.

 

مفضل سيف الدين هو الداعي رقم 53 في تسلسل دعاة الطائفة الداوودية البهرة، ويلقب بلقب "الداعي المطلق"، وهو أعلى منصب ديني داخل الطائفة.

 

ولد السلطان في 20 أغسطس 1946 بمدينة سورات الهندية، وهو الابن الثاني للسلطان الراحل الدكتور محمد برهان الدين، الذي شغل المنصب نفسه لعدة عقود قبل وفاته، وكان له دور بارز في ترسيخ حضور الطائفة في عدد من الدول، من بينها مصر.

 

تنتمي طائفة البهرة إلى المذهب الإسماعيلي، وهو أحد فروع الشيعة، وتتميز بعقائدها الفقهية والروحية الفريدة.

 

وتتركز أغلبية أتباعها في الهند، كما تنتشر مجتمعات منهم في باكستان واليمن وشرق إفريقيا، إلى جانب جاليات نشطة في الخليج ومصر.

 

على الرغم من خصوصيتهم المذهبية، تحرص الطائفة على الانخراط في المجتمعات التي تعيش فيها من خلال العمل الخيري والثقافي، ومبادرات التنمية، والأنشطة الاقتصادية.

 

ويعرف عن أفرادها انضباطهم وتمسكهم بالقيم الإسلامية والإنسانية، ما جعلهم موضع ترحيب في العديد من الدول.

 

وتعد القاهرة الفاطمية واحدة من أكثر المدن التاريخية التي تحتضن مواقع ذات أهمية للطائفة، ولذلك تولي البهرة اهتمامًا خاصًا بالمقامات والمساجد فيها، مثل مقام السيدة زينب والسيدة نفيسة والسيدة رقية، وغيرها من الأضرحة التي تعد رموزًا روحية للمصريين على اختلاف أطيافهم.

 

وبينما تتواصل أعمال الترميم والتطوير، تظل جهود طائفة البهرة نموذجًا فريدًا للتعاون بين المجتمعات الدينية والدولة، من أجل الحفاظ على التراث وصونه للأجيال المقبلة، في مشهد يجمع بين الإيمان والعمل، والتاريخ والحداثة، والمحبة والتقدير المتبادل.