بدأت العاصمة السعودية الرياض تنفيذ خطة ضخمة لتحويل المدينة إلى مركز رياضي عالمي استعدادًا لاستضافة كأس آسيا 2027 حيث تشمل الخطة تحديث شامل للبنية التحتية الرياضية وبناء ملاعب جديدة بمواصفات عالمية مع توسعة للمرافق الحالية وتطوير أنظمة النقل الذكي لتسهيل حركة الجماهير بين الملاعب والفنادق وأماكن الترفيه وقد أطلقت الهيئة العامة للرياضة المشروع تحت شعار آسيا في قلب المملكة مما يعكس طموحات السعودية في قيادة الرياضة الآسيوية واستقطاب أكبر الفعاليات القارية والدولية
أبرز معالم المشروع هو استاد الرياض الدولي الذي يتم إنشاؤه على مساحة تتجاوز نصف مليون متر مربع ويتسع لأكثر من 70 ألف متفرج وسيكون مجهزًا بتقنيات الواقع المعزز وشاشات بانورامية عملاقة إضافة إلى سقف متحرك وتكييف كامل يغطي المدرجات ومناطق اللاعبين ما يجعل منه أيقونة معمارية ومركزًا لاستضافة مباريات الافتتاح والنهائي كما سيتم ربط الاستاد بخط مترو الرياض الجديد الذي يسير دون سائق بسرعة تصل إلى 90 كيلومتر في الساعة ويتيح للجماهير الوصول في أقل من عشرين دقيقة من معظم أحياء المدينة
تتضمن الخطة كذلك إنشاء قرية رياضية ذكية تضم مرافق تدريب متطورة للمنتخبات المشاركة وفنادق خمس نجوم ومراكز علاج وتأهيل طبي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل إصابات اللاعبين وتقديم خطط علاج مخصصة بالتعاون مع مستشفيات محلية ودولية كما تشمل القرية صالات ألعاب إلكترونية مفتوحة للجماهير ومناطق مشجعين تحتوي على شاشات عملاقة ومقاهي ومطاعم بتصاميم تراثية سعودية تعرض الثقافة المحلية بطريقة تفاعلية
وتعمل وزارة السياحة بالتعاون مع وزارة الثقافة على استغلال الحدث للترويج للسياحة الثقافية والتراثية من خلال تنظيم فعاليات مصاحبة في مناطق الدرعية والعلا والطائف والدمام حيث ستُعرض الحرف التقليدية السعودية وتُقام عروض فنية وموسيقية وورش عمل مفتوحة للزوار من مختلف الجنسيات كما ستُوفر باقات سياحية تتضمن رحلات إلى المواقع التاريخية وتجارب ضيافة أصيلة لتوفير تجربة شاملة تربط بين الرياضة والثقافة
من جانب آخر أطلقت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي منصة إلكترونية موحدة لمتابعة التحضيرات تشمل تقارير يومية حول نسب الإنجاز في المشاريع وأخبار اللجان التنظيمية وإعلانات المتطوعين وشروط التسجيل كما ستوفر المنصة تطبيقًا تفاعليًا يتيح للمشجعين حجز التذاكر واختيار أماكن الجلوس وتتبع نتائج المباريات والفرق المشاركة بل والتصويت لأفضل اللاعبين بعد كل مباراة باستخدام تقنية البلوك تشين لضمان الشفافية
في نفس الوقت تواصل السعودية مفاوضاتها مع عدد من الشركات العالمية المتخصصة في إدارة الأحداث الرياضية لإدارة المباريات وتنسيق عمليات النقل والبث التلفزيوني بتقنيات الواقع الافتراضي والبث ثلاثي الأبعاد لتوفير تجربة مشاهدة غير مسبوقة للملايين حول العالم ومن المتوقع أن تكون هذه النسخة الأكثر تطورًا من الناحية التقنية في تاريخ البطولة القارية وتُسهم في إبراز الوجه الجديد للمملكة كقوة ناعمة صاعدة في مجالات الرياضة والسياحة والثقافة
على صعيد آخر تولي الحكومة اهتمامًا كبيرًا بالمشاركة المجتمعية حيث تم تخصيص أكثر من خمسين ألف فرصة تطوعية للشباب من مختلف مناطق المملكة للمساهمة في تنظيم الحدث والمشاركة في استضافة الوفود والزوار مما يعزز من حس الانتماء الوطني ويرفع كفاءة الموارد البشرية الوطنية كما سيتم تقديم برامج تدريبية مجانية بالتعاون مع جامعات دولية لتأهيل الشباب للعمل في مجالات تنظيم الفعاليات وإدارة الحشود والتسويق الرياضي
وقد عبر رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم عن ثقته في قدرة المملكة على تنظيم نسخة استثنائية من البطولة تعكس الإمكانات الهائلة للسعودية ورؤيتها الطموحة في التحول إلى مركز رياضي عالمي كما أكد على أن التنظيم السعودي يُعد من بين الأضخم في تاريخ البطولة سواء من حيث حجم الاستثمارات أو التجهيزات أو البرامج المصاحبة مشيرًا إلى أن آسيا كلها ستستفيد من التجربة السعودية في التطوير الرياضي
في النهاية تتجه أنظار العالم إلى الرياض خلال العامين المقبلين مع اقتراب موعد انطلاق البطولة وسط حماس محلي وإقليمي واسع وتوقعات بأن تحقق هذه النسخة نقلة نوعية في مستوى التنظيم والحضور والتفاعل الجماهيري وتفتح الباب أمام المزيد من الفعاليات الكبرى في المستقبل مما يرسخ مكانة السعودية كوجهة رياضية عالمية قادرة على استضافة أكبر الأحداث بكل احترافية وتميز.