كشفت الهيئة العامة للنقل في المملكة العربية السعودية عن بدء تشغيل أول خدمة تاكسي جوي كهربائي ذاتي الطيران في العاصمة الرياض، وقد جرت مراسم التدشين بحضور وزير النقل وعدد من المسؤولين وخبراء تكنولوجيا الطيران، حيث انطلقت أولى رحلات الولاية التجريبية من مطار الملك خالد الدولي نحو حي العليا مروراً بمنطقة الروضة وصولاً إلى واجهة الرياض، ويأتي هذا المشروع في إطار رؤية 2030 لتطوير أنظمة النقل الذكي والحد من الازدحام المروري، وهو ما يعكس التزام السعودية بدعم الابتكار في قطاع النقل الحضري .
المواصفات التقنية للطائرة:
تعمل الطائرة الكهربائية ذاتية الطيران بنظام دفع هجين يعتمد على بطاريات ليثيوم أيون عالية الكثافة ومحرك كهربائي متقدم، وتستطيع الطائرة التحليق على ارتفاع 300 متر بسرعة قصوى تصل إلى 120 كيلومتر في الساعة، كما زودت بثمانية مراوح دوارة توفر الاستقرار والأمان أثناء الإقلاع والهبوط العمودي، ويتميز نظام التحكم الذاتي بقدرته على التعامل مع الإشارات الجوية والظروف المناخية القاسية، بالإضافة إلى برمجيات ذكاء اصطناعي متطورة تسمح بتحديد المسار الأمثل وتفادي العوائق بشكل فوري .
الشراكات المحلية والدولية:
أُطلق المشروع بالشراكة بين الهيئة العامة للنقل وشركة وطنية متخصصة في التصنيع الجوي وشركة دولية رائدة في مجال الطائرات الكهربائية وقد شمل الاتفاق تدريب خبراء سعوديين داخل مراكز أبحاث أوروبية على تقنيات التحليق ذاتي القيادة وصيانة الطائرات، كما تم توقيع مذكرات تفاهم مع مؤسسات أكاديمية محلية لاستضافة برامج بحثية مشتركة تركز على تطوير المحركات الكهربائية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الطيران المدني .
التجربة التشغيلية والتسهيلات للركاب:
توفر خدمة التاكسي الجوي إمكانية الحجز المسبق عبر تطبيق هاتفي يُظهر مواقع الطائرات المتوفرة والأوقات المقدرة للوصول إلى الوجهة المرغوبة، كما يُمكن للركاب اختيار مستوى الأمان والتجهيزات الداخلية مثل نظام التكييف الذكي وخدمة الواي فاي المجانية، وتضم الطائرة مقصورة مكوّنة من أربعة مقاعد فاخرة مبطنة بمواد مضادة للصدمات ومزودة بشاشات عرض للمراقبة والمسار، ويحرص نظام التشغيل على ضمان بوابات هبوط وإقلاع آمنة في مواقع مخصصة تم تجهيزها بحواجز صوتية وإضاءة استشعارية متقدمة .
الفوائد الاقتصادية والبيئية:
يساهم التشغيل التجاري للخدمة في خلق أكثر من ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في مجالات الطيران والتصنيع والصيانة وتكنولوجيا المعلومات، كما يُعزز من حركة السياحة الداخلية عبر تقديم تجربة نقل فريدة تجمع بين السرعة والراحة، ويُعتبر المشروع ركيزة رئيسية للتحول نحو النقل النظيف، حيث يحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 80% مقارنة بالسيارات التقليدية، ويساهم في تقليل استهلاك الوقود الأحفوري ويُعزز من مكانة الرياض كعاصمة عالمية للتكنولوجيا والابتكار .
التحديات التنظيمية والأمنية:
واجهت الهيئة تحديات عدة أثناء الإعداد لإطلاق الخدمة منها وضع إطار تشريعي ينظم الطيران المدني الذكي وضمان تكامل الطائرات مع نظام مراقبة الحركة الجوية الحالي، كما عملت بالتعاون مع الهيئة العامة للطيران المدني على وضع معايير أمان صارمة تشمل فحص المعدات إلكترونياً وتحديث البرمجيات بشكل دوري إضافة إلى بروتوكولات للتعامل مع حالات الطوارئ مثل انقطاع التيار أو الأعطال الميكانيكية، وتم إنشاء غرفة تحكم مركزية تعمل على مدار الساعة لمراقبة الرحلات وتنسيقها مع وحدات الدفاع المدني .
آفاق التوسع ومستقبل النقل الجوي الحضري:
أعلنت الهيئة عن خطط مستقبلية لزيادة أسطول الطائرات إلى مئة طائرة بحلول عام 2030 وربط الخدمة بخدمات المترو والحافلات الكهربائية لإنشاء منظومة نقل متكاملة، كما يجري حالياً دراسة استخدام الطائرات في نقل الشحنات السريعة والأدوية والمستلزمات الطبية بين المدن السعودية الكبرى، ويُتوقع أن تنضم مدن جدة والدمام إلى هذا المشروع قريباً بعد استكمال البنية التحتية لمحطات الإقلاع والهبوط وتجهيزها بالتقنيات اللازمة لدعم الطيران المدني الذكي .