شهدت الإمارات في الفجيرة أمس احتفالا رسميا بمشاركة سمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي رئيس لجنة الطاقة المتجددة وحضور وزير الصناعة والتكنولوجيا وعدد من كبار المسؤولين ما يؤكد أهمية المشروع الفريد كأول محطة لتحلية مياه البحر تعمل بالطاقة الشمسية الكاملة في الوطن العربي الفقره ويهدف المشروع الى إنتاج مئتين وخمسين ألف متر مكعب من المياه الصالحة للشرب يوميا باستخدام تقنية التناضح العكسي المدعومة بألواح شمسية عائمة مركبة على سطح البحر مما يقلل الحاجة للمساحات الأرضية ويضمن استدامة إمدادات المياه على مدار العام مع تقليل الانبعاثات الكربونية بما يتماشى مع رؤية الإمارات للتنوع الطاقي ٢٠٥٠ مع توقعات بزيادة قدرة المحطات المشابهة لاحقا في مناطق أخرى من الدولة
المحطة الجديدة تعتمد على نظام دوامات بحرية متقدمة لضخ المياه الى وحدات التحلية دون الحاجة الى مضخات تعمل بالوقود الأحفوري ما يوفر ما يقارب خمسين بالمئة من استهلاك الطاقة مقارنة بالمحطات التقليدية الفقره كما تضم المحطة مركز تحكم ذكي يعمل بالذكاء الاصطناعي لرصد أداء الألواح الشمسية ووحدات التنقية وتحليل بيانات الضغط ودرجة الملوحة وعمر الأغشية بشكل لحظي حتى يتم إجراء الصيانة التنبؤية قبل وقوع الأعطال مما يضمن استمرارية الإنتاج ويمكّن فرق الصيانة من العمل بكفاءة عالية مع تقليل التكلفة التشغيلية على المدى الطويل
يرتبط المشروع بشبكة توزيع مياه حديثة تمتد لمسافة تتجاوز مائة كيلومتر تربط المحطة بمحافظة الفجيرة ومدينتي دبا والحيل مع نقاط ضخ ذكية تراقب طلب الاستهلاك وتوجه الفائض أو الاحتياجات حسب الأحمال الفعلية الفقره وقد أوضح المشرفون أن المحطة قادرة على تلبية احتياجات نصف مليون نسمة في المناطق الساحلية مع توفير احتياطي استراتيجي يعادل خمسة أيام من الاستهلاك في حالات الطوارئ أو الصيانة الدورية دون اللجوء الى الاستيراد الخارجي للمياه أو تشغيل محطات الاحتياط التي تعمل بالغاز الطبيعي
يساهم تشغيل محطة التحلية الشمسية في خفض الانبعاثات الكربونية بنحو مئة وخمسين ألف طن سنويا وهو ما يعادل زرع مليون شجرة مثمرة أو إزالة مكابح كربونية ضخمة من الغلاف الجوي مع إحداث تحوّل بيئي واقتصادي في قطاع المياه الفقره إذ سيتيح المشروع إطلاق مبادرات اجتماعية وصحية مثل توزيع المياه النقية في المدارس والمستشفيات والأحياء القديمة التي كانت تعاني من ضعف الخدمة مع إطلاق حملات توعية لترشيد الاستهلاك وتعزيز ثقافة إعادة استخدام المياه المعالجة في الزراعة والمساحات الخضراء مما يعزز الأمن المائي والاستقرار المجتمعي
توقعت دراسات اقتصادية صادرة عن مركز أبوظبي للدراسات الاستراتيجية أن يسهم المشروع في خلق أكثر من ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في مجالات الهندسة والبيئة والتكنولوجيا مع جذب استثمارات أجنبية تزيد قيمتها عن مليار درهم في مشاريع تحويل الطاقة الشمسية الى مصادر خالية من الكربون الفقره كما تعتزم شركة المياه الوطنية توقيع اتفاقيات تعاون مع دول الخليج الأخرى لنقل التقنية والمعرفة لتعميم الفائدة على مستوى المنطقة واستغلال إمكانات مساحات الخليج الشاسعة لتعزيز القدرة الإنتاجية لمياه الشرب الصالحة بما يضمن تحقيق الأمن المائي لكافة دول المجلس
دعت الإمارات من خلال هذا المشروع دول الوطن العربي الى تبني نماذج مستدامة في تحلية المياه تعتمد على الطاقة المتجددة وفتح قنوات تعاون إقليمي لتأسيس شبكة تبادل للخبرات والتقنيات وتشجيع الشركات الناشئة المحلية على تطوير حلول مبتكرة في مجال الأغشية الشمسية والذكاء الاصطناعي الفقره كما تم الإعلان عن تأسيس منتدى سنوي للتحلية الشمسية يضمن مشاركة صناع القرار والخبراء العرب والدوليين لتسريع انتقال المنطقة الى اقتصاد منخفض الانبعاثات وتعزيز التكامل العربي في مواجهة تحديات المياه والبيئة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام ٢٠٣٠.