في موسم لن تمحى تفاصيله من ذاكرة جماهير القلعة الحمراء، استطاع ستيفن مادسن، المدير الفني الدنماركي للفريق الأول لكرة اليد رجال بالنادي الأهلي، أن يقود فريقه نحو كتابة واحدة من أعظم صفحات التاريخ الرياضي، ليس فقط في كرة اليد المصرية، بل على مستوى القارة الإفريقية والعالم.

 

ستيفن مادسن وصناعة المجد.. يد الأهلي تُحلّق في سماء التاريخ بخماسية ذهبية ومجد عالمي

ما تحقق هذا الموسم يتجاوز حدود البطولات والأرقام، ليصل إلى مستوى الإنجاز المؤسسي المدروس، القائم على رؤية فنية محكمة، وطموح لا يعرف السقف الأهلي لم يفز فقط، بل فرض نفسه كـ"قوة عظمى" في عالم كرة اليد.

 

موسم تاريخي بخمس بطولات كبرى

في سابقة لم تحدث من قبل لأي فريق مصري، نجح فريق رجال يد الأهلي في حصد خمس بطولات خلال موسم واحد، وهو رقم قياسي تاريخي يضع النادي الأهلي على القمة بلا منازع.

 

البطولات الخمسة جاءت كالتالي:

الدوري المصري الممتاز لكرة اليد

كأس مصر

كأس السوبر المصري

بطولة دوري أبطال إفريقيا

كأس السوبر الإفريقي

 

هذا الإنجاز لم يتحقق من فراغ، بل جاء نتيجة لموسم شاق وطويل، خاض فيه الفريق العديد من التحديات، وواجه أقوى الفرق محليًا وإفريقيًا، ليؤكد تفوقه على كافة المستويات.

 

الأداء قبل الألقاب

الحديث عن الأهلي هذا الموسم لا يقتصر فقط على عدد البطولات، بل يمتد إلى الأداء الفني العالي والانضباط التكتيكي الذي أظهره الفريق في مختلف المنافسات تحت قيادة مادسن، أصبح الأهلي يمتلك هوية واضحة داخل الملعب: دفاع صلب، هجوم منظم، وروح قتالية لا تهدأ.

 

تميز الفريق كذلك بـ"المرونة الخططية"، وهو ما سمح له بالتفوق على مدارس لعب مختلفة، سواء عربية أو إفريقية أو أوروبية وقد برزت هذه الميزة تحديدًا في بطولتي دوري الأبطال والسوبر الإفريقي، حيث واجه الأهلي فرقًا من مدارس لعب متنوعة، وتمكن من التفوق عليها جميعًا.

 

مجد عالمي في كأس العالم للأندية

النجاح لم يتوقف عند حدود القارة، بل وصل إلى العالمية حين شارك الأهلي في بطولة كأس العالم للأندية (السوبر جلوب) وحقق الميدالية البرونزية، بعد فوزه التاريخي على نادي برشلونة الإسباني، أحد أقوى فرق كرة اليد في أوروبا والعالم.

 

هذا الانتصار كان أكثر من مجرد فوز، بل مثل رسالة واضحة أن الأهلي أصبح رقمًا صعبًا في كرة اليد العالمية فالتفوق على فريق بحجم برشلونة في مباراة تحديد المركز الثالث ليس بالأمر السهل، ويعكس مدى التطور الذي وصل إليه الفريق من حيث الجاهزية البدنية والذهنية.

 

ستيفن مادسن.. عبقرية على الخط

المدرب الدنماركي ستيفن مادسن أثبت أنه صفقة رابحة بكل المقاييس. فمنذ توليه المسؤولية، عمل على تطوير الجوانب الفنية والبدنية لدى اللاعبين، وبنى فريقًا متماسكًا يُجيد اللعب تحت الضغط، ولا يتأثر بالغيابات أو التبديلات.

 

ما يميز مادسن هو قدرته على قراءة المباريات لحظة بلحظة، وتوظيف لاعبيه بالشكل الأمثل، إلى جانب تطويره لعدد من العناصر الشابة، مما يضمن ديمومة النجاح على المدى الطويل. كما أنه يتمتع بكاريزما قيادية قوية، جعلته يكسب احترام اللاعبين والإدارة والجماهير معًا.

 

فرصة لحصد اللقب السادس

ورغم هذه النجاحات المبهرة، لا يبدو أن الفريق اكتفى بما حققه، حيث يمتلك الأهلي الآن فرصة قوية لحصد البطولة السادسة هذا الموسم، من خلال مشاركته في بطولة إفريقيا للأندية أبطال الكؤوس، والتي تُقام حاليًا في القاهرة.

 

وتُعد هذه البطولة تحديًا جديدًا للفريق، وفرصة لتعزيز زعامته الإفريقية، والتأكيد على أن موسم "الخماسية الذهبية" قد يتحول إلى "سداسية خرافية"، في حال نجح رجال الأهلي في التتويج بهذا اللقب أيضًا.

 

جماهير في السماء وطموحات لا تنتهي

حالة من الفخر والبهجة تسيطر على جماهير الأهلي في كل مكان، فالفريق بات نموذجًا يحتذى في كيفية صناعة النجاح والاستمرارية لم تكن الجماهير يومًا بعيدة عن هذا المشوار، بل كانت السند الدائم والدافع القوي وراء اللاعبين، خاصة في المباريات الصعبة التي احتاج فيها الفريق للدعم المعنوي.

 

ويبدو أن إدارة النادي أيضًا مصمّمة على الحفاظ على هذا النجاح، من خلال تجديد الثقة في الجهاز الفني، وتوفير الدعم الكامل لمواصلة رحلة التتويج.

 

ما قدمه الأهلي هذا الموسم بقيادة ستيفن مادسن ليس مجرد نجاح عابر، بل هو مشروع رياضي متكامل مبني على أسس احترافية، وإيمان بأن الطموح لا حدود له من الدوري المحلي إلى القارة الإفريقية، ثم المجد العالمي، خطّ الأهلي فصلاً استثنائيًا من تاريخ كرة اليد، فاستحق عن جدارة أن يُلقّب بـ"سيد القارة وسفيرها العالمي".