أعربت دولة قطر عن استيائها من استمرار الهجمات الإسرائيلية المكثفة على قطاع غزة رغم الدعوات الدولية المستمرة لوقف إطلاق النار واعتبرت أن هذه العمليات تظهر بوضوح أن إسرائيل ليست جادة في الدخول في مفاوضات جدية لإنهاء معاناة المدنيين في القطاع المحاصر منذ أكثر من ثمانية عشر شهراً، وأكدت الدوحة أن استمرار القصف يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية ويزيد من أعداد الضحايا المدنيين ممن لا حول لهم ولا قوة مع تدمير البنى التحتية الحيوية مثل المستشفيات والمدارس ومراكز توزيع المساعدات مما يفاقم حدة التوتر في المنطقة ويدفع بمزيد من القوى الإقليمية إلى الانخراط في الصراع .

 

وأشار سمو الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري، إلى أن توزيع المساعدات الإنسانية لا يجب أن يكون عبر آليات ثانوية مدعومة من دول بعينها ولكن يجب أن يتم تحت إشراف الأمم المتحدة والجهات الحقوقية المعترف بها دولياً لضمان وصول الإغاثة إلى كل المحتاجين دون تمييز أو تأخير، وأكد أن أي مقاربات بديلة تتجاهل دور الأمم المتحدة تطرح تساؤلات حول مدى حيادية العملية الإنسانية وخشية استغلالها لأهداف سياسية ضيقة تخدم أطرافاً محددة على حساب كرامة الشعب الفلسطيني، مطالباً بتشكيل لجنة دولية مستقلة لتعزيز الرقابة على عمليات الإغاثة وتسهيل وصول المساعدات عبر المعابر الرسمية إلى القطاع دون معيقات إدارية أو لوجستية.

 

وحذر وزير الخارجية القطري من أن استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية سيقوض أي جهود مستقبلية لتحقيق الاستقرار في المنطقة ويؤدي إلى انفجار الأوضاع في الضفة الغربية والأراضي المحتلة بشكل عام، مشيراً إلى أن الممارسات الحالية تشجع على المزيد من العنف وتهدد فرص تحقيق حل شامل قائم على حاجات الشعب الفلسطيني المشروعة والمتوافقة مع قرارات الشرعية الدولية، منوهاً بأهمية عودة الأطراف الإقليمية والدولية إلى طاولة المفاوضات بشكل فوري دون شروط مسبقة ووقف كافة الأنشطة الاستيطانية التي تعتبر مخالفة جوهرية للقانون الدولي وتهدد فرص السلام على المدى البعيد.

 

وشدد سموه على ضرورة تكثيف المساعي العربية لتعزيز التضامن مع الشعب الفلسطيني عبر تقديم دعم مالي وإنساني طويل الأمد لحكومة غزة الشرعية والمؤسسات الصحية والتعليمية المنهارة تحت وطأة الحصار، داعياً إلى قيام الجامعة العربية بدور فاعل في تنسيق هذه الجهود وتوحيد المواقف السياسية لرفع الصوت العربي عالياً أمام مجلس الأمن والمجتمع الدولي لتقديم مساعدات عاجلة تدخل حيز التنفيذ بشكل مباشر دون انتظار موافقات متعددة تمر بإجراءات بيروقراطية طويلة، معرباً عن استعداد قطر لتقديم كافة التسهيلات اللوجستية لاستقبال شحنات الإغاثة وتوزيعها بالتعاون مع المنظمات الدولية وفق معايير الشفافية والمحاسبة.

 

كما أكد الشيخ محمد بن عبد الرحمن أن موقف بلاده في دعم القضية الفلسطينية ثابت وغير قابل للمساومة، وأن قطر ستستمر في استضافة اللقاءات الدبلوماسية وفتح قنوات حفظ السلام وتقديم الرعاية الكاملة لأي مبادرات تسعى لإحلال وقف دائم لإطلاق النار يضمن حماية المدنيين ويمهّد الطريق لاستئناف العملية السياسية مبنياً على حل الدولتين، مشيراً إلى أن المصالحة الفلسطينية الداخلية تشكل عنصراً أساسياً لإنجاح أي مفاوضات مقبلة، ودعا إلى عودة سريع لما تبقى من حوارات القاهرة بين الفصائل الفلسطينية باعتبارها منصة مجربة لتعزيز الوحدة وحماية مصير الشعب الفلسطيني في وجه تحديات الاحتلال والتهجير.

 

من جانبه، رحبت القوى الدولية الصديقة، وعلى رأسها تركيا وجنوب أفريقيا وإندونيسيا، بالموقف القطري وطالبوا بالمزيد من الضغط الدبلوماسي على إسرائيل لوقف الهجمات فوراً وتقديم ضمانات لعودة آلاف المهجرين إلى ديارهم، فيما تواصلت التظاهرات التضامنية في العواصم العربية والأوروبية رفعاً لرايات فلسطين ومطالبة بوقف الكارثة الإنسانية المشارفة على غزة، مما يعكس حالة القلق العربي الشعبي والدولي من استمرار انتهاكات القانون الدولي الإنساني ودعوات متزايدة لإحالة ملف انتهاكات الحصار والحرب إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الحرب المحتملة.