في قلب البحر الأحمر، وتحديدًا بالقرب من شواطئ الغردقة، تتربع واحدة من أعظم الثروات البيئية على وجه الأرض، وهي الشعاب المرجانية التي تتميز بتنوعها الجمالي والبيولوجي، وتشكل هذه التكوينات الرائعة ملاذًا طبيعيًا لما يقرب من ربع الكائنات البحرية، كما تمثل ركيزة أساسية للاقتصاد المحلي بالغردقة نظرًا لاعتماد المدينة بنسبة كبيرة على السياحة البحرية، إلا أن هذه الكنوز الطبيعية لم تعد في مأمن من التهديدات التي تحيط بها، سواء كانت ناجمة عن الأنشطة البشرية أو التغيرات المناخية، لتصبح الشعاب المرجانية على حافة الانهيار، ما لم يتم اتخاذ خطوات سريعة وحاسمة للحفاظ عليها وإنقاذ ما يمكن إنقاذه

أسباب تدهور الشعاب المرجانية في الغردقة

تعاني الشعاب المرجانية في الغردقة من عدة تحديات تتسبب في تراجع حالتها البيئية، ومن أبرزها:

  • الارتفاع الكبير في معدلات الغوص والسنوركلينج يوميًا في المواقع الشهيرة مثل أبو رمادة وشعب الحطام

  • إلقاء المراسي الحديدية على الشعاب لغياب الشمندورات البيئية التي تحمي التكوينات المرجانية

  • تعرض مناطق عديدة لظاهرة الابيضاض المرجاني بسبب ارتفاع درجات حرارة المياه

  • تراجع تنوع الأسماك وغياب الألوان الزاهية مقارنة بالسنوات الماضية

  • تزايد الرحلات البحرية بشكل يفوق الطاقة البيئية الاستيعابية للمواقع الطبيعية

تأثير الضغوط السياحية على البيئة البحرية

تشير الدراسات إلى أن مواقع الغوص بالغردقة أصبحت تستقبل أكثر من 100 رحلة يوميًا، وهو رقم يتجاوز بكثير ما توصي به المعايير البيئية العالمية، حيث يُنصح بعدم تجاوز 10 رحلات فقط في نفس النطاق البيئي، هذه الضغوط تؤثر على صحة الشعاب المرجانية، فتُفقدها قدرتها على التجدد، وتجعلها عرضة للتكسر والانقراض التدريجي

أهمية تنظيم أنشطة الغوص والحفاظ على الشعاب

يدعو الخبراء إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة للحفاظ على الشعاب المرجانية، من أهمها:

  • إنشاء شبكة متكاملة من الشمندورات البيئية في جميع مواقع الغوص

  • تنظيم عدد الرحلات اليومية ووضع حد أقصى لكل موقع

  • فرض أيام راحة بيئية إلزامية للمواقع المرجانية

  • تدريب طواقم الغوص والمرشدين على الممارسات البيئية السليمة

  • توعية السياح بعدة لغات حول أهمية الحفاظ على الشعاب المرجانية

الحلول البديلة لمواقع الغوص الحالية

نظرًا لمحدودية عدد الحيود المرجانية المناسبة للغوص في الغردقة، يطرح المتخصصون فكرة إنشاء حيود مرجانية صناعية على غرار التجارب العالمية الناجحة، وتشمل هذه الحلول:

  • استخدام هياكل غارقة مثل السفن والسيارات والطائرات القديمة لتكوين مواقع غوص صناعية

  • استغلال مناطق شمال الغردقة في ظروف الطقس المعتدلة لخلق مناطق جديدة للغوص

  • التعاون مع الجهات المختصة لتنفيذ هذه المشاريع ضمن خطة تنمية بيئية مستدامة

تمثل الشعاب المرجانية في الغردقة إرثًا طبيعيًا لا يُقدّر بثمن، وإنقاذها لا يتطلب المعجزات، بل خطوات واقعية تبدأ بتغيير سلوكياتنا وتنظيم الأنشطة البحرية المحيطة بها، فهذه المنظومة البيئية الدقيقة تحتاج إلى الراحة والحماية، تمامًا كما تحتاج أجسادنا، فكل يوم نتأخر فيه عن إنقاذ الشعاب هو خسارة لا تعوض لأجيال قادمة، والمستقبل البيئي للغردقة مرهون بما نقوم به اليوم لحماية كنوزها البحرية