في خطوة جديدة تهدف إلى تعزيز الصحة الرقمية، أعلن تطبيق "تيك توك" عن إطلاق ميزة جديدة تعرف باسم "التأمل الليلي المُوجّه"، تفعل تلقائيًا للمستخدمين دون سن 18 عامًا، في محاولة للحد من الاستخدام المفرط للتطبيق ليلًا، وتشجيع الشباب على ترك هواتفهم قبل النوم.
"تيك توك" يطلق ميزة "التأمل الليلي" للمراهقين: بين الصحة الرقمية والتدخل المزعج
بمجرد حلول الساعة العاشرة مساءً، تظهر على الشاشة واجهة زرقاء مهدئة مصحوبة بموسيقى هادئة، وتبدأ توجيهات التنفس: "شهيق... حبس النفس... زفير" الهدف هو مساعدة المستخدمين على الاسترخاء، ومن ثم تشجيعهم على ترك الهاتف جانبًا والدخول في حالة نوم صحي.
وإذا اختار المستخدم تجاهل التأمل واستمر في استخدام التطبيق، يظهر له إشعار بملء الشاشة، يطالبه باتخاذ قرار من ثلاثة خيارات:
- الاستمرار في التمرير لمدة 15 دقيقة إضافية.
- إلغاء الاشتراك في الإشعارات لبقية اليوم.
- التوجه إلى الإعدادات لإجراء تعديلات على الميزة.
- أما المستخدمون فوق سن 18 عامًا، فيمكنهم تفعيل الميزة اختياريًا من خلال صفحة "الإعدادات" تحت خيار "التأمل أثناء النوم".
خلفية الميزة: ضغوط قانونية وصحية
إطلاق هذه الميزة يأتي في وقت تواجه فيه "تيك توك" ضغوطًا قانونية ونفسية متزايدة، إذ تتهم المنصة في عدة دعاوى قضائية بأنها تساهم في إدمان المستخدمين صغار السن، وتبقيهم مستيقظين حتى ساعات متأخرة من الليل عبر آليات تصميم مدروسة لجذب الانتباه.
وتعتبر "تيك توك" أن هذه الميزة رد مباشر على تلك المزاعم، وتسعى من خلالها إلى تعزيز العادات الرقمية الصحية والحد من الاستخدام الليلي الضار، خاصة بين المراهقين والمستخدمين الأصغر سنًا.
وبحسب الشركة، فإن هذه المبادرة جزء من استراتيجية جديدة للحد من الإفراط في التفاعل مع التطبيق، دون اللجوء إلى الحظر أو التقنين القسري.
تفاعل المستخدمين: بين الترحيب والانزعاج
ورغم ترحيب خبراء الصحة النفسية بهذه الخطوة، واعتبارهم إياها تقدمًا إيجابيًا نحو دعم الصحة الذهنية للشباب، إلا أن ردود الفعل من المستخدمين أنفسهم كانت منقسمة.
ففي حين رأى البعض أن هذه الميزة مفيدة وتساعد على تحسين جودة النوم، عبّر آخرون عن انزعاجهم منها، واعتبروها تدخلاً مزعجا في حريتهم الرقمية.
أحد المستخدمين علّق قائلاً:"أعرف أهمية التأمل والنوم، لكن لا أريد أن يفرض علي أحد متى أسترخي أو أترك هاتفي. هذا وقتي".
تجربة سابقة ونتائج أولية
الميزة الجديدة ليست الأولى من نوعها، إذ كانت تيك توك قد اختبرت ميزة مشابهة في شهر أبريل الماضي للمستخدمين دون سن 16 عامًا، تظهر بعد العاشرة مساء.
وبحسب نتائج المنصة، فإن 98% من المستخدمين لم يعطلوا الميزة يدويًا من إعداداتهم، ما اعتبرته الشركة دليلاً على فعالية "الضغط الإيجابي" في تغيير سلوكيات الاستخدام دون الحاجة إلى فرض صارم.
مع ذلك، تقر "تيك توك" بأن الإقلاع عن الاستخدام الليلي للتطبيق قد لا يكون سهلاً، خاصة في بيئة منصات اجتماعية مليئة بالمحفزات والتفاعل المستمر.
تعد ميزة "التأمل الليلي" من تيك توك محاولة جدية لتقديم حلول تكنولوجية لمشكلات نفسية وسلوكية متنامية في عصر الإدمان الرقمي. وبين مؤيد يراها خطوة صحية، ومعارض يصفها بالتطفل، تبقى هذه المبادرات جزءًا من حراك عالمي متزايد لإعادة ضبط العلاقة بين الإنسان والشاشة.
المعركة ليست بين المنصات والمستخدمين، بل بين الراحة الآنية والرفاهية النفسية طويلة المدى، فهل تنجح تيك توك في تحقيق التوازن؟ الأيام وحدها كفيلة بالإجابة.