يُعد البكاء المتكرر أو ردود الفعل العاطفية المبالغ فيها من السلوكيات التي قد تربك الوالدين، وتدفعهم للتساؤل عن أسباب هذه الحساسية الزائدة لدى أطفالهم وبينما قد تبدو هذه التصرفات بسيطة أو "زائدة عن الحد"، فإن فهم جذورها وتعامل الأهل معها بشكل سليم يُحدث فرقًا كبيرًا في حياة الطفل ونموه النفسي والاجتماعي.
الأطفال شديدو الحساسية: كيف نتفهمهم وندعمهم؟
ليس دائمًا فالأطفال الذين يبكون بسهولة أو يشعرون بالألم العاطفي بشكل أعمق قد يكونون ببساطة أصحاب حساسية عالية، وهي سمة شخصية وليست اضطرابًا وتشير الدكتورة ليندا دنلاب، أستاذة علم النفس في كلية ماريست، إلى أن هؤلاء الأطفال غالبًا ما يكونون أكثر تعاطفًا وإبداعًا وذكاءً عاطفيًا، وهي صفات إيجابية يجب أن تقدر لا أن تُحبط.
هل طفلي حساس جدًا بطبيعته؟
في دراسة حديثة على نشاط دماغ الأطفال، تبين أن بعض الاختلافات في المزاج والاستجابات العاطفية تظهر حتى في عمر سبعة أشهر، مما يشير إلى وجود أساس بيولوجي للحساسية العالية. ببساطة، قد يولد بعض الأطفال بهذه السمة، تمامًا كما يُولد آخرون أكثر جرأة أو مغامرة.
علامات الطفل شديد الحساسية
إذا كنتَ تلاحظ على طفلك بعضًا من السلوكيات التالية، فقد يكون من الأطفال شديدي الحساسية:
- يفزع بسهولة من الأصوات أو التغييرات المفاجئة.
- لا يحب المفاجآت أو الأحداث غير المتوقعة.
- يشكو كثيرًا من ملصقات الملابس أو الأقمشة الخشنة.
- حساس تجاه الروائح أو الأضواء.
- يطرح العديد من الأسئلة ويبدو ملاحظًا بشدة.
- يجد صعوبة في التأقلم مع التغييرات الكبيرة.
- يفضل الأجواء الهادئة ويبدع في غياب الغرباء.
هذه المؤشرات ليست تشخيصًا نهائيًا، لكنها إشارات تساعدك على فهم شخصية طفلك بشكل أعمق.
أسباب أخرى للحساسية الزائدة
إلى جانب السمة الفطرية، هناك عوامل بيئية أو صحية قد تزيد من حساسية الطفل أو تجعل ردود فعله العاطفية أكثر حدة، منها:
- قلة النوم أو اضطرابات النوم.
- تغذية غير متوازنة.
- ضغوط نفسية في البيئة المنزلية أو المدرسية.
- أمراض عضوية مثل التهابات الأذن أو تأخر بسيط في النطق.
ولذلك، إذا ظهرت على الطفل نوبات بكاء مفاجئة أو مفرطة وغير معتادة، من المهم زيارة طبيب الأطفال لاستبعاد أي أسباب طبية كامنة.
كيف نساعد أطفالنا على التعامل مع حساسيتهم؟
بدلًا من محاولة "إصلاح" الطفل أو تغييره، فإن ما يحتاجه فعلاً هو التفهم والتدريب على التكيف. وإليك بعض الاستراتيجيات العملية:
تقدير الصفات الإيجابية
- تجنّب وصف الطفل بأنه "حساس زيادة عن اللزوم" أو "درامي"، وبدلًا من ذلك، أثنِ على صفاته الجيدة كأن تقول له: "أعجبني كيف لاحظت أن صديقك كان حزينًا، أنت فعلاً تهتم بمشاعر الآخرين"؛ هذه العبارات لا تعزز ثقته بنفسه فقط، بل تجعله يرى أن حساسيته قوة لا ضعف.
2. مساعدته على فهم عواطفه وإدارتها
علمه تسمية مشاعره، مثلاً: "أنت غاضب لأن الكعكة ليست باللون الذي أردته؛ ثم ساعده في تعلم استراتيجيات التهدئة مثل: التنفس العميق؛ العد حتى 10؛ أخذ استراحة قصيرة؛ الرسم أو الكتابة عن ما يشعر به.
3. عدم الاستجابة الفورية لكل نوبة بكاء
إذا انفجر طفلك بالبكاء لأن لون البالون ليس كما يريد، لا تُسارع لتغييره، بل ساعده على قبول خيبة الأمل وتعليم مهارات الصبر والتأقلم.
قل له مثلًا:"أفهم أنك كنت تتمنى اللون الوردي، أحيانًا لا نحصل على ما نريد، لكن ما زال البالون جميلًا!"
4. تهيئة البيئة مسبقًا
طفلك لا يحب المفاجآت؟ إذًا، امنحه وقتًا للتحضير لأي حدث جديد، وكن واضحًا فيما سيحدث خطوة بخطوة. الروتين والوضوح يمنحانه شعورًا بالأمان.