في ظل أوضاع إقليمية تزداد تعقيدًا، تلقى الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالًا هاتفيًا من رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز، ناقش خلاله الجانبان عددًا من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها التطورات في الأراضي الفلسطينية وسوريا ولبنان وليبيا، إلى جانب تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.

 

الاتصال عكس حجم الزخم المتنامي في العلاقات بين القاهرة ومدريد، خاصة بعد زيارة الرئيس السيسي إلى العاصمة الإسبانية في فبراير 2025، وهي الزيارة التي فتحت آفاقًا واسعة للتعاون، خصوصًا في الملفات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية الجانبان أكدا على ضرورة البناء على هذا الزخم واستكشاف مجالات جديدة تواكب تطلعات الشعبين وتعزز من الحضور المصري والإسباني المشترك في الساحة الإقليمية.

 

فيما يتعلق بالأوضاع في فلسطين، جاء الموقف واضحًا وحاسمًا من الطرفين، إذ شددا على رفض العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، ورفض كل محاولات تهجير الفلسطينيين من أرضهم، مطالبين بوقف فوري لإطلاق النار والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية دون عوائق كما عبر الجانبان عن دعمهم الكامل لتفعيل حل الدولتين، مع الدعوة إلى توسيع نطاق الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، والعمل على حشد الدعم لتنفيذ الخطة العربية الإسلامية لإعادة إعمار قطاع غزة دون المساس بوحدة سكانه أو فرض واقع جديد.

 

أما بخصوص الأوضاع في سوريا ولبنان وليبيا، فقد اتفق الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الإسباني على ضرورة الحفاظ على وحدة هذه الدول وسلامة أراضيها وأمن شعوبها، والتأكيد على أن الحلول السياسية الشاملة هي الطريق الوحيد لتحقيق الاستقرار في هذه المناطق وتم التأكيد كذلك على أهمية استمرار التنسيق والتشاور بين مصر وإسبانيا، في ظل ما يمثله البلدان من ركائز إقليمية لها دور فاعل في صياغة المعادلات السياسية بالمنطقة.

 

الاتصال يأتي في توقيت دقيق تشهد فيه المنطقة موجات من التوترات المتعددة، ويعكس رغبة مشتركة في بناء مواقف متقاربة بين الضفتين المتوسطيتين، والاستفادة من الخبرات الدبلوماسية لدى البلدين في التعامل مع أزمات ممتدة ومعقدة كما يبرز الدور المصري المتنامي في القضايا الإقليمية، ويؤكد أن القاهرة لا تزال لاعبًا أساسيًا في المعادلة السياسية، لا سيما حين يتعلّق الأمر بالقضية الفلسطينية، أو بمستقبل الأمن والاستقرار في العالم العربي.

 

الاتصال لم يكن مجرد تبادل للرؤى، بل حمل رسائل سياسية واضحة تؤكد أهمية التضامن الدولي لإيقاف المآسي الإنسانية، وضرورة بناء شراكات تقوم على احترام السيادة، والدفع نحو حلول شاملة تنهي دوامات الصراع وتفتح آفاقًا جديدة للتنمية والسلام في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.