الحج ليس مجرد عبادة موسمية، بل هو رحلة العمر التي تجمع بين الطاعة، والتجرد، والتوبة، والرجوع إلى الله بقلب جديد وروح نقية هو الركن الخامس من أركان الإسلام، فريضة على المسلم القادر مرة واحدة في العمر، لكنها تغير حياة صاحبها للأبد.

 

في الحج، يتجرد الإنسان من مظهره الدنيوي، يرتدي إحرامه الأبيض فيختفي الفارق بين غني وفقير، عربي وأعجمي، مسؤول وعامل، فالجميع عبيدٌ لله يسعون بين يديه إنها مدرسة للتوحيد والمساواة، وتجديد للنية، وغسل للذنوب.

 

الحج في السنة النبوية


وردت في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فضائل كثيرة للحج، تؤكد مكانته ورفعة أجره، ونذكر منها:

 

الحج يعيدك كيوم ولدت

 

  1. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه" (متفق عليه).

 

فالحج المبرور يكفر الذنوب ويغسل سجل الحياة، ويمنح المسلم فرصة لبداية جديدة.

 

2. الحج المبرور جزاؤه الجنة

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" (متفق عليه).

 

الحج المبرور هو الذي خالطه الإخلاص، وخلاه من المعاصي، وكان كله خيرًا في القول والعمل.

 

3. الحج أفضل الجهاد للنساء

 

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قلت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟


قال: "لكن أفضل الجهاد حج مبرور" (رواه البخاري).

 

فالحج للمرأة عبادة عظيمة تُعادل في أجرها الجهاد في سبيل الله.

 

4. الحج من أحب الأعمال إلى الله

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: "إيمان بالله ورسوله"، قيل: ثم ماذا؟ قال: "جهاد في سبيل الله"، قيل: ثم ماذا؟ قال: "حج مبرور" (متفق عليه).

 

5. الحج وفد الله


قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الغازي في سبيل الله، والحاج، والمعتمر وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم" (رواه ابن ماجه).


من شرف الحاج أنه من ضيوف الله، وهو سبحانه لا يرد وفده خائبين.

 

6. العتق من النار يوم عرفة

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم أكثر أن يعتق الله فيه عبيدًا من النار من يوم عرفة" (رواه مسلم).


يوم عرفة هو ذروة هذه الرحلة العظيمة، يوم الدعاء والبكاء والرجاء.

 

7. الحثّ على التعجيل بالحج
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أراد الحج فليتعجل، فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة" (رواه ابن ماجه).


التأخير قد يحرمك من هذه الفرصة العظيمة، لذا فالتعجيل بالحج دليل على صدق النية والعزيمة.

 

الدعاء في الحج


الدعاء هو رفيق الحاج في رحلته، وهو عنوان الخضوع والانكسار بين يدي الله. في المشاعر المقدسة، يستحب الإكثار من الدعاء، خاصة في عرفات، وعند المشعر الحرام، وعند رمي الجمرات، وفي الطواف والسعي.

 

من أعظم ما يدعى به: "اللهم اجعل حجي مبرورًا، وسعيي مشكورًا، وذنبي مغفورًا، وعملي صالحًا، وتجارتي لن تبور، اللهم ارزقني القبول، وثبّتني على طريقك حتى ألقاك وأنت راضٍ عني".

 

الحج رحلة توبة وتطهير وتجديد إيمان. من عاد من الحج بقلب جديد، وسلوك مهذب، وإصرار على الطاعة، فقد نال بركة هذه الرحلة المباركة ومن لم يكتب له الحج هذا العام، فليكثر من الدعاء، والذكر، والعمل الصالح في العشر الأوائل من ذي الحجة، ففيها من الفضل ما لا يعد ولا يحصى.