أصدرت محكمة جنايات الهرم بمحافظة الجيزة، اليوم الخميس، حكمًا ببراءة الممثل المصري هيثم محمد من تهمة حيازة مادة الهيروين، وذلك في القضية التي أثارت اهتمامًا إعلاميًا واسعًا منذ القبض عليه أواخر عام 2024.

 

براءة الفنان هيثم محمد من تهمة حيازة الهيروين وسط جدل قانوني وإعلامي واسع

الحكم يأتي بعد أشهر من الجدل والتكهنات التي أحاطت بالقضية، في وقت يشهد فيه الشارع المصري حساسية متزايدة تجاه قضايا تعاطي وتجارة المواد المخدرة، لا سيما إذا كان أحد أطرافها من الوسط الفني.

 

خلفية القضية

تعود تفاصيل القضية إلى ديسمبر 2024، حين قامت قوة أمنية تابعة لمباحث قسمي الطالبية والعمرانية بمداهمة شقة سكنية في حي الطالبية، بناءً على معلومات وردت تفيد باستخدامها لتخزين مواد مخدرة ووفقًا لما ورد في التحقيقات، تم العثور على كمية من مادة الهيروين داخل الشقة، وتم القبض على الممثل هيثم محمد أثناء تواجده فيها.

 

النيابة العامة وجهت له تهمة حيازة المخدرات بقصد التعاطي أو الاتجار، مستندة إلى المضبوطات التي تم العثور عليها خلال عملية التفتيش، وهو ما دفع القضية إلى دائرة الضوء وأثار موجة من الجدل، خصوصًا أن الفنان سبق وارتبط اسمه بقضية مشابهة.

 

دفاع الفنان وهيئة المحكمة

خلال جلسات المحاكمة، أنكر هيثم محمد التهمة الموجهة إليه، مؤكدًا أن المواد المضبوطة لا تخصه، وأن وجوده في الشقة كان "محض صدفة" ولا علاقة له بأي نشاط غير قانوني.

 

واستندت هيئة الدفاع إلى ثغرات في إجراءات الضبط والتفتيش، مشيرة إلى غياب إذن النيابة عند المداهمة، وعدم توفر شهود محايدين أثناء عملية الضبط، وهو ما خلق نوعًا من الشك في صحة الإجراءات القانونية.

 

وبناءً على هذه المعطيات، قررت هيئة المحكمة تبرئة المتهم، مشيرة في حيثيات حكمها إلى "عدم كفاية الأدلة" و"وجود شبهات قانونية حول مشروعية التفتيش"، وهو ما أضعف موقف النيابة العامة أمام المحكمة.

 

سابقة في السجل القضائي

هذه ليست المرة الأولى التي يُثار فيها اسم الفنان هيثم محمد في قضايا تتعلق بالمخدرات. ففي عام 2015، ألقي القبض عليه في مدينة بدر بمحافظة القاهرة، أثناء تواجده داخل سيارة مع شخصين آخرين، وتم حينها ضبطهم وهم في حالة تعاطٍ لمادة الهيروين.

 

وقد أصدرت محكمة جنح القاهرة الجديدة حينها قرارًا بإخلاء سبيله بكفالة مالية بلغت 5000 جنيه مصري، دون أن يتم توجيه اتهامات إضافية. ورغم أن القضية أغلقت لاحقًا دون إدانة، إلا أن هذه الواقعة ألقت بظلال من الشك على مسيرة الفنان المهنية.

 

أثر القضية على المسيرة الفنية

هيثم محمد، الذي اشتهر بتقديم أدوار ثانوية في عدد من المسلسلات والأفلام المصرية، لم يُعرف عنه طوال مسيرته أي ظهور إعلامي مثير للجدل، لكنه منذ القضية الأولى في 2015 أصبح يواجه صعوبة في استعادة ثقة الوسط الفني والجمهور على حد سواء.

 

الظهور المتكرر لاسمه في مثل هذه القضايا قد يؤثر سلبًا على فرصه في التمثيل مستقبلًا، حتى في ظل البراءة القانونية، بسبب الصورة الذهنية التي ترسم في وعي الجمهور حول الفنانين المتهمين في قضايا أخلاقية أو جنائية.

 

السياق القانوني والمجتمعي

من الناحية القانونية، تنص المادة 33 من قانون العقوبات المصري على عقوبات صارمة بحق من تثبت عليه تهمة حيازة المخدرات، سواء بقصد التعاطي أو الاتجار، حيث يمكن أن تصل العقوبة إلى السجن المشدد لمدة 7 سنوات مع غرامات مالية ضخمة، قد تتجاوز مئات الآلاف من الجنيهات.

 

أما من الناحية المجتمعية، فقد أصبحت قضايا المخدرات في الوسط الفني تحظى بتغطية إعلامية واسعة، ويُنظر إليها باعتبارها مؤشرًا على الانفصال بين حياة الفنانين وحياة المواطنين العاديين. وهذا ما يجعل الرأي العام أكثر حساسية في التعامل مع أي اتهام يطال أحد المشاهير، حتى وإن تم تبرئته لاحقًا.

 

الوضع الأمني في منطقة الطالبية

يشار إلى أن منطقة الطالبية بمحافظة الجيزة، والتي وقعت فيها أحداث هذه القضية، تعد من النقاط الساخنة في ملفات مكافحة المخدرات. فبحسب تقارير أمنية، تُعتبر المنطقة بؤرة لنشاط غير قانوني بسبب الكثافة السكانية العالية، والتشابك العمراني، وكثرة الأحياء الشعبية.

 

وقد أعلنت السلطات المصرية أنها تمكنت من مصادرة أكثر من 250 طنًا من المواد المخدرة خلال عام 2024، في إطار حملات موسعة تستهدف كبح جماح الاتجار والتعاطي، وتحقيق قدر من السيطرة الأمنية في هذه المناطق.