استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في لقاء يحمل دلالات مهمة على مستوى العلاقات الثنائية وتطورات المشهد الإقليمي المتأزم وحضر اللقاء كل من الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين في الخارج، واللواء حسن رشاد، رئيس جهاز المخابرات العامة.
وصرح السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الوزير الإيراني نقل إلى الرئيس السيسي تحيات وتقدير الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وهو ما قابله الرئيس السيسي بترحيب، مؤكدًا على أهمية مواصلة المسار القائم بين البلدين لاستكشاف آفاق تطوير العلاقات بشكل يخدم مصالح الشعبين المصري والإيراني.
ويأتي هذا اللقاء في ظل سياق إقليمي بالغ الحساسية، ويشير إلى توجه مشترك نحو تبني الحوار والدبلوماسية كخيار أول لمعالجة القضايا المتفجرة في المنطقة وتناول اللقاء أبرز الملفات الساخنة في المنطقة، حيث شدد الرئيس السيسي على الموقف المصري الثابت برفض توسيع نطاق الصراع في الإقليم، محذرًا من أن استمرار التصعيد قد يؤدي إلى حرب شاملة ذات آثار كارثية على أمن واستقرار دول المنطقة.
وأكد الرئيس أن الحل الدبلوماسي يجب أن يظل حاضرًا، مشيرًا إلى المفاوضات الجارية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، والتي تحظى بمتابعة مصرية دقيقة نظراً لتأثيرها المباشر على مستقبل المنطقة.
وفي سياق متصل، جدد الرئيس السيسي مطالبته بـ الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، داعيًا إلى تسريع وتيرة إدخال المساعدات الإنسانية، مشددًا على أن الوضع الإنساني في القطاع لا يحتمل مزيدًا من التأخير أو التعطيل.
كما أشار الرئيس إلى ضرورة عودة الملاحة البحرية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر إلى طبيعتها، لما لذلك من أهمية استراتيجية بالنسبة لمصر والعالم، خاصة في ظل التهديدات التي تشهدها الملاحة في المنطقة مؤخرًا نتيجة تصاعد التوترات.
من جانبه، أعرب الوزير الإيراني عن تقدير بلاده للجهود المصرية في تهدئة الأوضاع الإقليمية، مؤكدًا حرص إيران على استمرار قنوات التشاور والتنسيق مع مصر في الفترة المقبلة، باعتبار أن التعاون بين البلدين يكتسب أهمية متزايدة في ظل التحديات التي تواجه المنطقة.
يحمل اللقاء مؤشرات قوية على تحول ملموس في العلاقات المصرية الإيرانية، وإن كان في إطار مدروس وحذر، خاصة أن مصر تتابع بقلق تطورات الملف النووي الإيراني، والأوضاع في سوريا واليمن، فضلًا عن الدور الإيراني في دعم فصائل مسلحة تنشط في المنطقة.
ومع ذلك، فإن القناة السياسية المفتوحة بين القاهرة وطهران تعد نافذة مهمة للحوار والتنسيق الإقليمي، خاصة مع وجود ملفات مشتركة تتطلب تعاونًا مباشرًا كأمن البحر الأحمر، والقضية الفلسطينية، وملف الطاقة.
اللقاء بين الرئيس السيسي ووزير الخارجية الإيراني يعكس إدراكًا مشتركًا لحساسية اللحظة الراهنة في الشرق الأوسط، كما يعزز الرؤية المصرية الداعية إلى الحلول السياسية والتسويات الدبلوماسية بدلًا من الانجرار إلى مواجهات مسلحة لا يستفيد منها سوى أطراف متطرفة.