في ظل التوسع المتسارع في استخدام التكنولوجيا والتطبيقات الرقمية في مختلف مجالات الاقتصاد والأعمال، تزداد الحاجة إلى تحديث التشريعات والقوانين المنظمة للمعاملات الإلكترونية، وذلك بما يضمن حماية الحقوق، وتيسير التحكيم، وضمان الخصوصية، والتكيف مع الواقع الرقمي الجديد، وقد شهدت جمعية رجال الأعمال المصريين اجتماعًا مشتركًا بين لجنتي التشريعات الاقتصادية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لمناقشة التحديات الحالية واقتراح آليات تطوير البيئة القانونية، بما يتماشى مع متطلبات التحول الرقمي، ويدعم مناخ الأعمال في مصر، ويحقق أهداف التنمية المستدامة والرؤية المستقبلية للدولة المصرية.

أهمية تعديل التشريعات الرقمية

أكد المشاركون في الاجتماع أهمية تبني بيئة قانونية مرنة تتماشى مع التطور التقني، خاصة مع ازدياد استخدام الوسائل الإلكترونية في التوقيع والسداد وتبادل المعلومات بين الشركات والأفراد، حيث إن استمرار العمل بقوانين الإثبات التقليدية أصبح لا يلبي متطلبات الواقع الرقمي الجديد، مما يستدعي تدخلًا تشريعيًا سريعًا وعصريًا

أبرز التحديات القانونية الحالية

تم استعراض عدد من التحديات التي تعيق اعتماد الوسائل الرقمية بشكل رسمي في القضاء والأعمال، من أبرزها:

  • قصور في قانون الإثبات وعدم تضمين المعاملات الإلكترونية كوسيلة إثبات رسمية

  • غياب تشريعات فعالة تنظم استخدام التطبيقات الحديثة مثل البريد الإلكتروني والواتساب

  • الحاجة إلى تحديث قانون حماية البيانات الشخصية وتفعيل لائحته التنفيذية

  • تأخر الانتهاء من مشروع تعديل قانون الملكية الفكرية ليتماشى مع التحول الرقمي

مقترحات عملية لتطوير البيئة القانونية

طرح المشاركون مجموعة من المقترحات لتعزيز البنية التشريعية بما يخدم التحول الرقمي، من أهمها:

  • إنشاء مركز تحكيم متخصص في المعاملات الإلكترونية لتسوية النزاعات بشكل معتمد

  • تطوير منصة رقمية مصرية تصدر شهادات رقمية موثقة يمكن الاعتماد عليها أمام القضاء

  • تعديل المواد المتعلقة بالإثبات في القانون المدني والتجاري لتشمل الأدلة الرقمية

  • إصدار قوانين واضحة لحماية البيانات الشخصية تتماشى مع المعايير الدولية وتحديات العصر

  • تدريب القضاة والمحكمين على آليات التعامل مع الأدلة الرقمية والوسائل التكنولوجية

التكامل بين التشريعات والتكنولوجيا

أشار رئيسا اللجنتين إلى ضرورة التنسيق بين الجهات التشريعية والقطاع الخاص لمراجعة القوانين بشكل دوري، خاصة أن نسبة كبيرة من المعاملات أصبحت تتم إلكترونيًا، وأي تأخير في الاعتراف القانوني بها قد يؤثر سلبًا على بيئة الاستثمار، كما أن تطوير الأطر القانونية لا بد أن يتزامن مع بناء بنية تحتية رقمية قوية تحمي البيانات وتمنع التلاعب بها

يتطلب التحول الرقمي الناجح بيئة تشريعية مرنة وعصرية تتوافق مع التحديات التقنية والاقتصادية المتسارعة، وإن تعديل قوانين الإثبات وحماية البيانات والملكية الفكرية يمثل خطوة محورية نحو دعم الاقتصاد الرقمي، وتعزيز الثقة في التكنولوجيا، وتمكين القطاع الخاص من مواصلة الابتكار والنمو، وتبقى مسؤولية التشريع والتطوير مشتركة بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لضمان مستقبل قانوني عادل وآمن في العصر الرقمي.