تواصل أسعار الذهب تسجيل ارتفاعات ملحوظة في السوقين المحلي والعالمي، مدفوعة بجملة من المتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية، أبرزها تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين ففي حين تجاوزت نسبة الزيادة في أسعار الذهب العالمية حاجز 2%، بدأت آثار هذا الصعود تنعكس مباشرة على السوق المحلي المصري، الذي بات يشهد تحولات واضحة في نمط الطلب وسلوك المستهلكين.
الذهب يواصل الصعود في مصر والعالم وسط تصاعد التوترات التجارية بين أمريكا والصين
بحسب التقارير الاقتصادية الأخيرة، فإن حالة الغموض المتزايدة بشأن مستقبل التعريفات الجمركية بين أكبر اقتصادين في العالم دفعت بالمستثمرين حول العالم إلى اللجوء للذهب كملاذ آمن. هذا السلوك الاستثماري المعتاد في فترات الأزمات ساهم في رفع الطلب على المعدن النفيس، وبالتالي دفع بأسعاره إلى الارتفاع.
ويوضح التقرير أن هذا الارتفاع لم يقتصر على الأسواق العالمية، بل انعكس بسرعة على السوق المحلي المصري، حيث سجلت أسعار الذهب قفزات ملموسة في غضون أيام قليلة، ما ترك أثرًا واضحًا على حركة البيع والشراء، خاصة لدى شرائح الدخل المتوسط.
أسعار الذهب في مصر: أرقام جديدة تعكس الواقع
شهدت أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025، زيادات ملحوظة شملت مختلف العيارات المتداولة في السوق، وجاءت الأسعار كالتالي:
العيار السعر بالجنيه المصري
- 24 5366 جنيهًا
- 21 4695 جنيهًا
- 18 4040 جنيهًا
- 14 3130 جنيهًا
- الجنيه الذهب 37360 جنيهًا
- أما على المستوى العالمي، فقد بلغت أونصة الذهب حوالي 3375 دولارًا، في تأكيد على الاتجاه الصاعد للأسعار، مدعومًا بالمخاوف الجيوسياسية والتجارية السائدة.
تراجع الإقبال على المشغولات الذهبية وزيادة الطلب على المدخرات
أشارت شعبة الذهب في مصر إلى تغير واضح في أنماط الاستهلاك داخل السوق المحلي، حيث أدى الارتفاع المتتالي في الأسعار إلى تراجع ملحوظ في الطلب على المشغولات الذهبية، لا سيما من قبل المواطنين ذوي الدخول المتوسطة.
ويعود ذلك إلى تجاوز الأسعار لقدرتهم الشرائية، مما دفعهم إلى التريث في عمليات الشراء، بانتظار تراجع محتمل في الأسعار أو استقرار في السوق.
في المقابل، شهدت السوق زيادة في الطلب على الجنيهات الذهبية والسبائك الصغيرة، وهو مؤشر على أن شريحة من المصريين بدأت تنظر إلى الذهب كوسيلة للادخار الآمن، وليس فقط كزينة أو هدية هذه الفئة تمثل عادة من يملكون فائضًا ماليًا بسيطًا يسعون للحفاظ على قيمته في ظل تقلبات الأسواق.
تحليلات وتوقعات: هل من استقرار قريب؟
توقعت الشعبة أن تظل أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة في حالة تذبذب مستمر، بفعل التغيرات المرتبطة بالعلاقات التجارية بين القوى الكبرى، وبخاصة الولايات المتحدة والصين كما أن سياسات الفيدرالي الأمريكي بخصوص أسعار الفائدة، وبيانات التضخم، قد تلعب دورًا حاسمًا في رسم مسار الذهب خلال الأشهر القادمة.
وفي ظل غياب أي مؤشرات واضحة على تهدئة الأوضاع التجارية بين بكين وواشنطن، تبقى الأسواق متأهبة لأي تصريح أو قرار قد يعيد خلط الأوراق من جديد، وهو ما يجعل الذهب في موقف صاعد لكنه محفوف بعدم اليقين.
الذهب والاستثمار الشخصي: خيارات جديدة للمستهلك
مع تغير طبيعة الإقبال على الذهب، بدأت تظهر توجهات جديدة لدى المستهلك المصري فبدلاً من شراء الأطقم الذهبية الثقيلة ذات التكلفة المرتفعة، باتت الخيارات تتجه نحو الاستثمار في سبائك خفيفة أو جنيهات ذهب، باعتبارها أسهل في البيع، وأقل تكلفة من حيث المصنعية.
كما اتجه البعض إلى الاحتفاظ بالذهب كجزء من محفظة استثمارية صغيرة، إلى جانب مدخرات نقدية أو شهادات بنكية، ما يعكس نموًا تدريجيًا في الثقافة المالية للأفراد، نتيجة الخبرات المتراكمة من الأزمات السابقة.
الارتفاع المستمر في أسعار الذهب، مدفوعًا بالتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، يعيد تشكيل حركة السوق في مصر والعالم. وبينما يتراجع الطلب على المشغولات الذهبية التقليدية، يزداد التوجه نحو الادخار والاستثمار في المعدن النفيس ويبقى التحدي الرئيسي أمام المستهلك المصري هو التوفيق بين رغبته في الحفاظ على مدخراته وبين القدرة على تحمل الأسعار المرتفعة، في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي حالة من الترقب والحذر.
في ظل هذا الواقع، تبرز الحاجة إلى مزيد من التوعية الاقتصادية، وتقديم بدائل استثمارية مبسطة، تساعد الأفراد على اتخاذ قرارات مالية مدروسة، خاصة في ظل بيئة اقتصادية متقلبة تتطلب يقظة ومتابعة مستمرة.