في واقعة غير مسبوقة هزت الرأي العام الباكستاني، شهدت مدينة كراتشي، كبرى مدن باكستان، حادثة فرار جماعي من أحد أكبر سجون البلاد وقد أعلن وزير الشؤون القانونية في إقليم السند، ضياء الحسن لانجار، أن عشرات السجناء تمكنوا من الفرار من سجن مالير في ساعة متأخرة من مساء يوم الإثنين، في أعقاب سلسلة من الهزات الأرضية التي ضربت المنطقة وتسببت في حالة من الذعر داخل السجن.
في واقعة غير مسبوقة.. الهروب الكبير من سجن كراتشي بسبب الزلزال
بحسب تصريحات الوزير لانجار التي نقلتها وسائل الإعلام المحلية وبثتها القنوات الإخبارية على الهواء مباشرة صباح الثلاثاء، فإن الهزات الأرضية المفاجئة كانت السبب المباشر في حالة الفوضى التي اجتاحت السجن.
هذه الفوضى استغلها عدد كبير من السجناء للهرب من الزنازين ومن ثم من أسوار السجن وأشار لانجار إلى أن السلطات تمكنت حتى الآن من إعادة القبض على 46 من الفارين، إلا أنه امتنع عن ذكر العدد الإجمالي للسجناء الذين تمكنوا من الهرب، مما أثار تساؤلات حول حجم الفوضى التي ضربت المنشأة الأمنية.
سجن مالير: خلفية وموقع حساس
يقع سجن مالير في إحدى أكثر المناطق كثافة سكانية في كراتشي، ويُعرف بكونه من السجون ذات الإجراءات الأمنية المشددة، حيث يضم سجناء متهمين بجرائم خطيرة من بينها الإرهاب والقتل والسرقة المسلحة يُعد هذا السجن مركزًا مهمًا في نظام العقوبات الباكستاني، وبالتالي فإن وقوع مثل هذه الحادثة فيه يعكس خللاً أمنيًا كبيرًا.
الزلزال كعامل محفز أم غطاء للهروب؟
رغم تأكيد الوزير لانجار على أن الزلزال هو السبب الرئيسي الذي أدى إلى الفوضى داخل السجن، فإن كثيرين من المراقبين شككوا في هذا التفسير وتساءل البعض عما إذا كانت الهزات الأرضية مجرد عامل ساعد السجناء على تنفيذ خطة هروب مدبرة سلفًا، خاصة أن عملية الهروب وُصفت بأنها واحدة من أكبر العمليات في تاريخ باكستان.
من المعروف أن الزلازل قد تسبب أضرارًا في البنية التحتية، لكن فرار عشرات السجناء يتطلب تنسيقًا دقيقًا ومعرفة مسبقة بمواقع الحراسة والنقاط الضعيفة في محيط السجن. هذا يدفع المحللين إلى طرح فرضية وجود تواطؤ داخلي أو ثغرات أمنية مقلقة ساهمت في نجاح الهروب.
استجابة السلطات
بعد وقوع الحادث، شُكلت لجنة تحقيق عليا لمراجعة الإجراءات الأمنية في سجن مالير وتحديد أوجه القصور التي سمحت بحدوث هذه الواقعة. كما تم نشر وحدات من قوات الشرطة والجيش في محيط السجن والمناطق المجاورة لتعقب السجناء الفارين.
السلطات الأمنية أطلقت حملة تفتيش واسعة في الأحياء المحيطة بكراتشي، كما استخدمت تقنيات المراقبة الجوية والطائرات المسيرة لرصد التحركات المشبوهة رغم إعادة القبض على عدد من الفارين، لا تزال الجهود مستمرة لتعقب البقية، وسط مخاوف من أن بعضهم قد يكون غادر المدينة أو حتى البلاد.
تداعيات سياسية وأمنية
الحادثة أثارت موجة من الانتقادات ضد الحكومة الإقليمية والسلطات الأمنية، حيث طالب نواب في البرلمان بإجراء تحقيق مستقل، مشيرين إلى أن ما جرى يُعد كارثة أمنية تستوجب محاسبة المسؤولين المقصرين.
كما دعت منظمات حقوقية إلى تحسين ظروف السجون في البلاد، معتبرة أن الازدحام وسوء الإدارة داخل السجون يزيدان من احتمالات وقوع مثل هذه الحوادث.
سياسيون معارضون اتهموا الحكومة بالإهمال والتقصير، مشيرين إلى أن الزلازل لا يمكن أن تكون مبررًا لفشل النظام الأمني في أحد أهم السجون في البلاد. وطالب البعض باستقالة مسؤولين كبار في وزارة الداخلية والأمن.
الأثر الاجتماعي والإعلامي
وسائل الإعلام الباكستانية والدولية تناولت الحادثة بكثافة، خاصة أن الهروب الجماعي من السجن يمثل مادة خصبة للتحقيقات والتقارير الصحفية كما أثارت الحادثة قلق المواطنين، خصوصًا في مدينة كراتشي، الذين باتوا يخشون من عودة بعض السجناء الفارين إلى أحيائهم وربما تنفيذ جرائم جديدة.
وسائل التواصل الاجتماعي اشتعلت بالتعليقات والمطالبات باتخاذ إجراءات صارمة، وتداول المواطنون صورًا ومقاطع فيديو من أمام السجن، بينما شارك آخرون تحليلات عن الفشل الأمني والإداري الذي سمح بحدوث هذه الواقعة.