يترقب المسلمون في شتى بقاع الأرض بشغف كبير حلول يوم عرفة، ذلك اليوم المشهود الذي يُعد الركن الأعظم في الحج، ويحمل في طياته نفحات إيمانية وروحانية عميقة.
وفي هذا اليوم المبارك، يكتسب موعد أذان المغرب أهمية خاصة، فهو ليس مجرد إيذان بدخول وقت صلاة، بل هو علامة فارقة للحجاج على صعيد عرفات الطاهر، ولحظة إفطار مرتقبة للصائمين في سائر البلدان، ممن يغتنمون فضل صيام هذا اليوم العظيم.
أهمية يوم عرفة في الإسلام.
يُعتبر يوم عرفة من أعظم أيام الله، ففيه يقف حجاج بيت الله الحرام على جبل عرفات، متضرعين إلى المولى عز وجل بالدعاء والاستغفار، طالبين الرحمة والمغفرة والعتق من النار. وقد وردت في فضله أحاديث نبوية شريفة عديدة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة".
كما أن صيامه لغير الحاج سنة مؤكدة، وفيه أجر عظيم، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة: "أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده".
هذه المكانة الرفيعة تجعل كل لحظة فيه، بما في ذلك وقت غروب الشمس، ذات معنى عميق لدى المسلمين.
مغيب الشمس وإيذان بالرحيل للحجاج
بالنسبة للحجاج المتواجدين على صعيد عرفات، يمثل أذان المغرب إشارة البدء بالنفير إلى مزدلفة.
فبعد يوم طويل حافل بالدعاء والذكر والابتهال، ومع غروب شمس يوم عرفة وارتفاع صوت المؤذن لصلاة المغرب، يبدأ الحجيج بالتحرك نحو مزدلفة، ملبين ومكبرين، ليبيتوا فيها ويجمعوا حصى الجمرات.
إنها لحظة انتقالية هامة في شعائر الحج، حيث يودع الحاج وقوفه بعرفة، وهو أهم أركان الحج، متوجهاً لإتمام باقي المناسك.
ويكون غروب الشمس هو العلامة الزمنية الفاصلة التي ينتظرها مئات الآلاف من الحجاج للانطلاق.
إفطار الصائمين وفضل اليوم لغير الحاج
أما بالنسبة للمسلمين غير الحجاج في مختلف أنحاء العالم، فإن أذان المغرب يوم عرفة يحمل بشرى إفطار يوم صيام مبارك.
فبعد يوم كامل من الامتناع عن الطعام والشراب تقرباً إلى الله وطمعاً في نيل ثواب صيام هذا اليوم، يأتي أذان المغرب ليعلن عن انتهاء فترة الصوم.
يتجمع أفراد الأسر على موائد الإفطار، وقلوبهم مفعمة بالرجاء أن يتقبل الله صيامهم ودعاءهم.
إنها لحظة فرح وسكينة، تتجلى فيها معاني التكافل والمشاركة الروحية مع الحجاج، وإن باعدت بينهم المسافات الجغرافية، فالقلوب تجتمع على طاعة الله وتعظيم شعائره.
تحديد موعد الأذان والاعتبارات الفلكية
يُحدد موعد أذان المغرب شرعاً بغروب قرص الشمس كاملاً في الأفق.
وبطبيعة الحال، يختلف هذا التوقيت من منطقة إلى أخرى بناءً على الموقع الجغرافي وخطوط الطول والعرض.
لذلك، يعتمد المسلمون في تحديد موعد أذان المغرب يوم عرفة، كما في سائر الأيام، على التقاويم الفلكية المعتمدة من قبل الهيئات الإسلامية الرسمية في بلدانهم، أو على المراصد الفلكية التي تتحرى رؤية الهلال وتحدد مواقيت الصلاة بدقة.
ومن الضروري التأكيد على أن التوقيت الدقيق لأذان المغرب يوم عرفة سيختلف بين مكة المكرمة، حيث يوجد الحجيج، وبين مختلف مدن وعواصم العالم الإسلامي، مما يستدعي من كل مسلم متابعة التوقيت المحلي الخاص بمنطقته.
في الختام، يبقى موعد أذان المغرب يوم عرفة لحظة ذات دلالات إيمانية وروحانية عميقة، سواء للحاج الذي ينهي وقوفه بعرفة ليبدأ رحلة النفير، أو للصائم الذي يترقب إفطاره بعد يوم من العبادة الخالصة.
إنه وقت تتجلى فيه عظمة الخالق وقدرته، وتتوحد فيه قلوب المسلمين على اختلاف أماكنهم، متطلعين إلى رحمة الله ومغفرته في هذا اليوم الأغر.
"إنها لحظات ثمينة يغتنمها المسلمون في الدعاء والتضرع إلى الله، راجين القبول والمغفرة، ومشهد غروب شمس عرفة يظل عالقاً في أذهان الحجاج كرمز للخشوع والسكينة."