في انجاز علمي مذهل يفتح ابوابا جديدة لفهم أعقد عضو في الكائن الحي نجح علماء من جامعة ستانفورد المرموقة في بناء ما يمكن وصفه بـ "توأم رقمي" لدماغ فأر انه نموذج محاكاة فائق الدقة يعمل بالذكاء الاصطناعي ويمكن للباحثين استخدامه لإجراء تجارب معقدة تماما كما يستخدم الطيارون أجهزة محاكاة الطيران لاختبار مناوراتهم بأمان.
الذكاء الاصطناعي يحاكي العقل البشري
قام باحثون من كلية الطب في ستانفورد بتطوير هذا النموذج المبتكر بالتركيز على القشرة البصرية في دماغ الفأر وهي المنطقة المسؤولة عن معالجة المعلومات المرئية القادمة من العين، تم تدريب هذا التوأم الرقمي باستخدام كميات هائلة من بيانات النشاط العصبي التي سجلت من فئران حقيقية اثناء مشاهدتها لمقاطع فيديو متنوعة النتيجة نموذج ذكاء اصطناعي قادر على التنبؤ بدقة بكيفية استجابة عشرات الالاف من الخلايا العصبية الفردية لصور ومقاطع فيديو لم يرها من قبل.
تسريع وتيرة فهم الدماغ
الدراسة التي نشرت في مجلة Nature المرموقة تؤكد اهمية هذا الانجاز يقول الدكتور أندرياس تولياس أستاذ طب العيون والمؤلف الرئيسي للدراسة "إذا تمكنت من بناء نموذج دقيق للدماغ يمكنك إجراء عدد هائل من التجارب افتراضيا ومن ثم تختبر افضل الفرضيات فقط على الدماغ الحقيقي".
ما يميز هذا النموذج عن المحاولات السابقة هو قدرته على "التعميم" فهو لا يحاكي فقط استجابات الدماغ للانماط التي تدرب عليها بل يمكنه التنبؤ بكيفية تفاعل الدماغ مع انواع مختلفة تماما من المحفزات البصرية كما أنه قادر على استنتاج خصائص وسمات كل خلية عصبية على حدة.
قوة النماذج التأسيسية
يعتبر هذا التوأم الرقمي مثالا قويا على ما يعرف بالنماذج التأسيسية وهي جيل جديد من نماذج الذكاء الاصطناعي التي تتعلم من بيانات ضخمة جدا ثم تطبق ما تعلمته بمرونة على مهام وانواع بيانات جديدة لم تتدرب عليها مباشرة القدرة على التعميم خارج نطاق بيانات التدريب هي جوهر الذكاء كما يؤكد تولياس فالهدف النهائي هو بناء انظمة قادرة على التعامل مع مواقف جديدة كليا لم تواجهها أثناء عملية التعلم،ومما لا شك فيه أن التقدم في مجالات الذكاء الاصطناعي من شأنها أن تأخذنا إلى ما هو أبعد من الخيال.