أعلنت شركة أرامكو السعودية، الرائدة عالميًا في مجال الطاقة، عن تعديل جديد في أسعار بعض منتجات الوقود لشهر يونيو 2025، تضمن رفع أسعار غاز البترول المسال والكيروسين. تأتي هذه التعديلات في إطار المراجعة الدورية التي تعتمدها المملكة لتحديث أسعار منتجات الطاقة بما يتماشى مع متغيرات السوق العالمي وأهداف رؤية السعودية 2030. ومن خلال هذه الخطوة، تسعى الحكومة إلى تعزيز كفاءة الاستهلاك وتقليل الدعم تدريجيًا لتحقيق الاستدامة المالية. يعتبر هذا القرار جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات، مع التركيز على تطوير قطاعات أخرى مثل السياحة والتكنولوجيا. رفع أسعار الغاز المسال والكيروسين يأتي في سياق عالمي يشهد تقلبات في أسعار الطاقة، مما يتطلب من الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء اتخاذ إجراءات استباقية لضمان استقرار الأسواق وتلبية احتياجات المستهلكين. أرامكو، بصفتها شركة وطنية رائدة، تلعب دورًا حيويًا في تحقيق هذه الأهداف من خلال إدارة موارد الطاقة بكفاءة وفعالية.

 

توضيح حول تعديلات أسعار الغاز المسال والكيروسين

 

شملت التعديلات التي أجرتها أرامكو زيادة ملحوظة في سعر غاز البترول المسال والكيروسين، ما يعكس نهجًا اقتصاديًا مدروسًا ضمن سياسة تحرير أسعار الطاقة. ارتفع سعر غاز البترول المسال بنسبة 4.8%، ليصل إلى 1.09 ريال سعودي للتر، بعد أن كان 1.04 ريال. كما ارتفع سعر الكيروسين بنسبة 19.5%، ليصبح 1.59 ريال للتر، بعد أن كان في السابق 1.33 ريال. تجدر الإشارة إلى أن هذه التعديلات لم تشمل فقط الغاز والكيروسين، بل تم تثبيت أسعار البنزين بنوعيه ووقود الديزل عند المستويات السابقة، وهو ما يظهر التوازن الذي تحاول المملكة الحفاظ عليه. هذا التوازن يعكس حرص الحكومة على عدم إثقال كاهل المواطنين والمقيمين بأعباء مالية إضافية، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية العالمية الراهنة. تثبيت أسعار البنزين والديزل يعتبر خطوة مهمة للحفاظ على القدرة الشرائية للمستهلكين ودعم القطاعات الاقتصادية التي تعتمد بشكل كبير على هذه المنتجات، مثل قطاع النقل والخدمات اللوجستية.

 

أسباب قرار الزيادة في أسعار الغاز والكيروسين

 

أوضحت شركة أرامكو أن القرار يستند إلى نظام الحوكمة المعتمد في المملكة، والذي يقضي بمراجعة أسعار المياه ومنتجات الطاقة بشكل دوري. وتعد هذه السياسة جزءًا من التوجه العام لإعادة هيكلة الدعم الحكومي وتنظيم السوق المحلي بما يتواكب مع التغيرات العالمية في أسعار الطاقة. ومن أبرز الأسباب التي دفعت نحو هذا التعديل: التغيرات المستمرة في أسعار تصدير المنتجات النفطية من السعودية إلى الأسواق العالمية، والتزام المملكة ببرنامج التوازن المالي الذي أطلق في عام 2016، وتشجيع المواطنين والمقيمين على ترشيد استهلاك الطاقة، وخفض العبء المالي الناتج عن دعم منتجات الطاقة في الميزانية العامة، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتفعيل إصلاحات اقتصادية طويلة المدى. هذه الأسباب مجتمعة تشير إلى أن قرار رفع أسعار الغاز والكيروسين ليس مجرد إجراء اقتصادي بحت، بل هو جزء من رؤية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستدامة المالية والاقتصادية للمملكة على المدى الطويل.

 

تأثيرات محتملة لرفع الأسعار

 

من المتوقع أن يكون لرفع أسعار الغاز المسال والكيروسين تأثيرات متفاوتة على مختلف القطاعات الاقتصادية والمستهلكين. قد يؤدي ارتفاع أسعار الغاز المسال إلى زيادة تكلفة بعض الصناعات التي تعتمد عليه كمصدر للطاقة، مما قد ينعكس على أسعار المنتجات النهائية. وبالمثل، قد يؤثر ارتفاع سعر الكيروسين على قطاعات مثل الزراعة والنقل، حيث يستخدم الكيروسين في تشغيل بعض المعدات والآلات. ومع ذلك، من المتوقع أن يكون التأثير الأكبر على المستهلكين ذوي الدخل المحدود، الذين قد يجدون صعوبة في تحمل الزيادة في تكلفة التدفئة والإضاءة. لذلك، من المهم أن تتخذ الحكومة إجراءات مصاحبة للتخفيف من هذه التأثيرات، مثل تقديم دعم مالي للفئات الأكثر احتياجًا أو تنفيذ برامج لترشيد استهلاك الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للشركات والمؤسسات تبني تقنيات جديدة وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة لتقليل الاعتماد على الغاز والكيروسين وتقليل التكاليف.

 

رؤية السعودية 2030 وأسعار الطاقة

 

تنسجم تعديلات أسعار الطاقة مع أهداف رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام. من خلال رفع كفاءة استهلاك الطاقة وتقليل الدعم الحكومي، تسعى المملكة إلى تحرير الموارد المالية وتوجيهها نحو الاستثمار في قطاعات جديدة مثل السياحة والتكنولوجيا والطاقة المتجددة. كما تهدف الرؤية إلى تشجيع الابتكار والتنويع الاقتصادي، مما يقلل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل. رفع أسعار الغاز المسال والكيروسين يعتبر خطوة ضرورية لتحقيق هذه الأهداف، حيث يشجع المستهلكين والشركات على تبني سلوكيات أكثر ترشيدًا وكفاءة في استخدام الطاقة، مما يساهم في تحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للإيرادات المتأتية من رفع الأسعار أن تستخدم لتمويل مشاريع التنمية المستدامة وتحسين البنية التحتية، مما يعزز النمو الاقتصادي ويحسن مستوى المعيشة للمواطنين والمقيمين.