هل شعرت يومًا بأنك غريب عن محيطك؟ أو أن العالم من حولك ليس حقيقيًا؟ هذه المشاعر، التي تُعرف بـ الانفصال عن الواقع، شائعة أكثر مما تظن. وفقًا لموقع "Health" الطبي، تشير الدراسات إلى أن ما بين 26% و74% من الناس قد عانوا من أعراض الانفصال عن الواقع قصيرة المدى مرة واحدة على الأقل في حياتهم. هذه النوبات العابرة غالبًا ما تكون استجابة للتوتر، القلق، الإرهاق، أو حتى تعاطي بعض المواد. ومع ذلك، عندما يصبح الانفصال عن الواقع مزمنًا، قد يشير ذلك إلى وجود مشكلة أعمق، مثل التعرض لصدمة أو حالة صحية كامنة. من المهم فهم طبيعة هذه الحالة وأسبابها المحتملة، بالإضافة إلى الخيارات العلاجية المتاحة.
أعراض نوبات الانفصال عن الواقع
تتفاوت أعراض الانفصال عن الواقع في شدتها ومدتها. في الحالات القصيرة، قد تستمر النوبة بضع دقائق أو بضع ساعات فقط. أما في الحالات المزمنة، فقد تستمر الأعراض لأيام، أسابيع، أو حتى أشهر. تشمل الأعراض الشائعة الشعور بأن الأشياء من حولك غير حقيقية أو بعيدة، والشعور بأن المكان المألوف أصبح غريبًا وغير مألوف. قد يصف البعض تجربة الانفصال عن الواقع بأنها "النظر إلى العالم من خلال الضباب". كما أن الوقت قد يبدو مشوهًا، حيث تبدو بضع دقائق وكأنها ساعة. قد يعاني الشخص أيضًا من عدم القدرة على تذكر ما يفعله، أو يجد أن المحيط من حوله مشوه أو متغير. يمكن أن تكون الأصوات القريبة مكتومة، أو الأضواء أكثر سطوعًا من المعتاد. هذه الأعراض يمكن أن تكون مزعجة للغاية وتؤثر على قدرة الشخص على العمل والتفاعل مع الآخرين.
أسباب الإصابة بنوبات الانفصال عن الواقع
يمكن أن يحدث الانفصال عن الواقع نتيجةً لعوامل متعددة، ويعتمد السبب غالبًا على ما إذا كانت النوبة قصيرة أم طويلة الأمد. بالنسبة للانفصال عن الواقع على المدى القصير، تشمل الأسباب الشائعة: الضغط النفسي، القلق، التعب، اضطراب الرحلات الجوية الطويلة، التغيرات في عادات النوم، وتعاطي المخدرات أو الكحول. هذه العوامل غالبًا ما تكون مؤقتة وتزول بمجرد معالجة السبب الأساسي. أما بالنسبة للانفصال عن الواقع على المدى الطويل، فقد يكون هناك مشكلة أكثر خطورة. تشمل الأسباب المحتملة: الصدمة الناتجة عن إساءة معاملة الأطفال، حوادث السيارات، الكوارث الطبيعية، الحرب، الفقر، الاعتداء، أو التجارب المؤلمة أو المهددة للحياة الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون بعض الحالات الصحية العقلية، مثل الاضطرابات الانفصامية (بما في ذلك اضطراب إزالة الشخصية، وفقدان الذاكرة الانفصامي، واضطراب الهوية الانفصامية)، سببًا في الانفصال المزمن عن الواقع. كما أن بعض الحالات العصبية، مثل النوبات، والصداع النصفي، وإصابة الدماغ الرضحية، أو أمراض الأوعية الدموية الدماغية، يمكن أن تساهم أيضًا في هذه الحالة.
علاج نوبات الانفصال عن الواقع
يهدف علاج الانفصال المزمن عن الواقع إلى مساعدة المريض على استعادة شعوره بالواقع والسيطرة على حياته. تشمل الأهداف الرئيسية للعلاج: تعلم تقنيات التأريض للمساعدة في تقليل أعراض الانفصال عن الواقع، معالجة الصدمات الماضية التي قد تساهم في فقدان الإحساس بالواقع، واكتساب مهارات التعامل مع المشاعر والمواقف التي قد تؤدي إلى تلك النوبات. لا يوجد حاليًا دواء معتمد خصيصًا لعلاج الانفصال عن الواقع، ولكن قد يصف الطبيب النفسي دواءً إذا كان المريض يعاني من اضطراب قلق أو اكتئاب متزامن. ومع ذلك، يعتبر العلاج النفسي، أو العلاج بالكلام، الخط الأول لعلاج الانفصال عن الواقع. تشمل أنواع العلاج النفسي الفعالة: العلاج النفسي الديناميكي، والعلاج السلوكي المعرفي (CBT)، والعلاج السلوكي الجدلي (DBT). هذه العلاجات تساعد المريض على فهم أسباب الانفصال عن الواقع وتطوير استراتيجيات للتعامل مع الأعراض.
إذا كنت تعاني من أعراض الانفصال عن الواقع، فمن المهم طلب المساعدة من أخصائي الصحة العقلية. يمكن للطبيب أو المعالج النفسي تقييم حالتك وتحديد السبب المحتمل للأعراض ووضع خطة علاجية مناسبة. تذكر أن الانفصال عن الواقع يمكن علاجه، وأن هناك أملًا في استعادة الشعور بالواقع والعيش حياة طبيعية.